صورة أرشيفيه
تشهد أسواق رأس المال العامة أداءً نشطاً في الوقت الحاضر، حيث تم تدشين مجموعة كبيرة من الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة وأوروبا بنجاح في الأسبوع الماضي،وعلى مدى الشهرين الماضيين، تم جمع مليارات الدولارات من الأسهم المطروحة حديثاً كما استفادت الشركات في المملكة المتحدة من نظام ليبرالي لاجتذاب المستثمرين، بحسب تحليل نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون" للكاتب الاقتصادي "كريس هيوز".
لكن مديري الأصول لا يمتلكون أموالاً غير محدودة، كما أن الشركات بدأت بالكاد جمع التمويل، وعند مرحلة ما، يجب أن يكون هناك نقطة حساب، وباتت عمليات الاكتتاب العام لشركات مثل صانعة كبسولات القهوة "جي.دي.إيه بيت" و"مجموعة وارنر ميوزك" ومنصة "زوم إنفو تكنولوجيز"، أقل تشجيعاً مما كانت تبدو عليه في البداية.
وكان الكثير من الإجراءات القانونية للطرح العام في شركة القهوة قد تم إنجازه قبل وقوع الأزمة، حيث إن أعمالها الخاصة بالمشروبات التي تصنع في المنزل تمتلك مرونة واضحة في مواجهة تأثير الوباء، وتستند الصفقة على بعض المستثمرين الداعمين، كما تم تسعيرها بسعر خصم مغري مقارنة مع شركة نستله المالكة لـ"نسبرسو".
ولا يعني ذلك التقليل من إنجاز عملية الإدراج في البورصة، لكن أقلية فقط من الشركات سوف تتقاسم مثل هذه الخصائص الإيجابية، وبالمثل، كانت عملية طرح شركة "وارنر ميوزيك" للاكتتاب العام، والتي تم تسعيرها عند الحد الأقصى من نطاقها التسويقي، جارية قبل الأزمة.
ومن الواضح أن شركة الموسيقى الرقمية كانت مرنة خلال عمليات الإغلاق، وتضاعفت قيمة سهم "زوم إنفو" تقريباً في أول جلسة تداول بالبورصة، حيث كان الطرح الأول مذهلاً للغاية لدرجة أنه أثار تساؤلات حول ما إذا كان قد تم تسعيرها بشكل خاطئ أو ما إذا كان صعود سعر السهم سوف يستمر، ولسوء الحظ، فإن هذه النجاحات لا تثبت أن سوق الاكتتاب العام الأولي مفتوح لجميع القادمين.
والآن، دعونا نأخذ بعين الاعتبار كيف تقوم الشركات المدرجة في البورصة بالفعل بجمع الأموال لخفض الديون، خاصةً في الوقت الحالي بعد ارتفاع أسواق الأسهم بفارق كبير مقارنة مع المستويات المتدنية المسجلة في مارس الماضي.
وتظل عملية بيع أسهم "كومباس جروب" البالغة 2.5 مليار دولار بمثابة المسار المفضل لعروض الحقوق (أو ما يعرف بـRight offeringوالتي يقصد بها منح كل مساهم الحق في شراء حصة إضافية من الأسهم بسعر محدد وخلال فترة محددة)، والتي تستغرق الكثير من الوقت، ويعني ذلك أن الشركات لا تستطيع التعامل مع البنوك الاستثمارية أو لا تثق فيها، من أجل دعم عروض الحقوق التي قد تستمر لبضعة أشهر، وعندما تكون حقوق العروض مطبقة، فإن الشروط تكون مرهقة، وكان هذا هو الحال مع شركة "بانج آند أولوفسن" الدنماركية، للسلع الإلكترونية الفاخرة.
وتبيع الشركة الدنماركية أسهماً جديدة بنسبة تقل عن سعر السهم الضمني للشركة تبلغ 60 %، ويُعد ذلك خصماً كبيراً بالنظر إلى أن الأسهم قد انخفضت بالفعل بنحو 45 % منذ شهر يناير، وعلى الرغم من ذلك، فإن الرسوم والنفقات سوف تمتص حوالي 13 % من إجمالي العوائد.
وانظر كذلك إلى عمليات جمع الأموال الأخيرة من جانب شركة "إس.آي.جي"، وتسعى مجموعة مواد البناء إلى جمع 150 مليون جنيه إسترليني (189 مليون دولار)، أيّ ما يعادل تقريباً قيمتها السوقية بأكملها، وتزاحمت "إس.آي.جي" للاستحواذ على شركة "كلايتون ودوبيلير آند رايس" مع تقديم ما يصل إلى 85 مليون جنيه إسترليني من الإجمالي بحصة تبلغ حوالي 25 %، وكانت "إس.آي.جي" تريد بوضوح أن تكون متأكدة تماماً من الحصول على غالبية الأموال، لكن التأكيد يتجاوز الاعتماد على المستثمرين العاديين في سوق الأسهم.
وفي الأزمة المالية 2008 كان لا بد من إنقاذ القطاع المصرفي، أما اليوم فإن تأثير الوباء يتجاوز فكرة صناعة واحدة، وستسعى آلاف الشركات إلى تقليص ديون الرافعة المالية، كما أن مطالبات مديري الأصول لتقديم أموال لدعم هذا التحول سوف تستمر، ومع خفض دخل أرباح المساهمين، يمكن أن يتعرض المستثمرون لمزيد من الضغوط لبيع الحيازات الحالية من أجل تلبية هذه المطالبات النقدية.
وإذا كان هذا التقييم صحيحاً فستنفد الأموال في مرحلة ما، ومن المحتمل أن تبدو سوق الأسهم سخية الآن، لكن لا ينبغي على الشركات المنهكة أن تتعامل مع الوضع الحالي على أنه أمر مسلم به.