صورة أرشيفيه
هل سيحدث هذا حقاَ؟ بعد كل الذهاب والإياب، وكأننا في أشواط ومجموعات مباراة من مباريات التنس في ويمبلدون، فإن المواجهة التحفيزية بين وزير الخزينة الأمريكي ستيف منوشين، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، قد انتقلت إلى منافسة أخرى.
فمع افتتاح الأسواق اليوم الإثنين، سنصل إلى المجموعة الثالثة من مباراة التنس هذه، بعد المجموعة الأولى (المكالمة الهاتفية بينهما يوم الجمعة) والمجموعة الثانية (جلسة مجلس الشيوخ المشؤومة يوم السبت، والتي رفضت خطة البيت الأبيض الجديدة بـ 1.8 تريليون دولار). وحينها، قد تعود القضية برمتها إلى حيث بدأت.
هنا نعيد التأكيد، أن أموال التحفيز مهمة جداً للذهب، وللمضاربين على ارتفاع الملاذ الآمن رقم 1 الذين يأملون في العودة إلى مناطق الـ 2,000 دولار للأوقية. كما أنها ستساعد، إلى حد ما، على استقرار النفط حول منطقة الـ 40 دولار للبرميل. ولكن من يحتاج هذه الأموال أكثر من الأسواق، هم ملايين الأمريكيين العاطلين عن العمل، وهم بحاجتها على الفور. بينما يحتاج عشرات الآلاف من موظفي الخطوط الجوية إلى المساعدة في دفع رواتبهم، حتى لا ينضموا إلى صفوف العاطلين عن العمل.
في الوقت الحالي، ما هو واضح هو أن معركة التحفيز لم تعد صراعاً بين البيت الأبيض والديمقراطيين، بل أنها تطورت إلى لعبة ذكاء، بين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والرئيس دونالد ترامب. فزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، هو الذي سيقرر ما الذي ستتم الموافقة عليه من اقتراحات الحزمة، ويبدو أنه لا يُشارك رأي الرئيس بأن حزمة التحفيز "الأكبر" هي الأفضل.
وبعد أن أصبحنا على بعد أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر، يحتاج الرئيس ترامب إلى تقديم شيء جيد للناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد. هذا هو الأمر الذي أقنع الرئيس بتغيير موقفة (بالإضافة إلى هبوط أسواق الأسهم). ولذلك، تأرجح موقف الرئيس من إنهاء المفاوضات تماماً، إلى العودة إليها، وهو موقف لا بد منه، في غضون 48 ساعة فقط. لقد حصل الرئيس جزئياً على ما يريد: أفضل أداء أسبوعي منذ شهور لمؤشري إس إن بي 500 و نازداك 100.
ومع ذلك، فإن حليف ترامب الرئيسي في مجلس الشيوخ ليس مستعداً للعب الكرة معه بشأن التحفيز، لأن ماكونيل يضع عينيه في مكان آخر، وتحديداً، جلسة استماع وتأكيد مرشحة المحكمة العليا القاضية إيمي كوني باريت. انظر إلى هذه الأولويات المختلطة!
وهذا ما يفسر المكالمة الجماعية التي جرت صباح يوم السبت بين منوشين ورئيس طاقم البيت الأبيض مارك ميدوز من جهة، وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين من جهة أخرى، حيث شجب الكثيرون اقتراح البيت الأبيض، على اعتبار أن الحزمة بالحجم المقترح ستكون مكلفة للغاية على الحكومة الفيدرالية. ولم يتوقف الانتقاد عند حجم الحزمة بل تعدى ذلك نحو التشكيك فيها بشكل عام، وانتقاد المقترحات الفردية. لقد أتت هذه الانتقادات من طرف عدد من المشاركين في المكالمة، أو الذين تم اطلاعهم على محتوياتها في وقت لاحق، وتحدثوا إلى وسائل الإعلام بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وكان السناتور الجمهوري عن ولاية وايومنغ (جون باراسو)، قد وصف التوسع المقترح في الاعتمادات الضريبية لقانون الرعاية الميسرة للعاطلين عن العمل، المسمى اختصاراً (كير أكت)، بأنه "خيانة هائلة" لمعارضة الحزب الجمهوري التي طال أمدها لخطة الرئيس السابق للرعاية الصحية والمسماة (أوباما كير).
إذا، ليس ليدنا إلا أن ننتظر ونرى ما إذا كان الرئيس ترامب سيتمكن من استخدام قدرته على الإقناع، أو سلطته الهائلة، على رئيس المجلس ميتش ماكونيل، لتحقيق الفوز في المجموعة الثالثة من مباراة التحفيز. ولكن، سيكون من السهل أن ينهار كل شيء، مع الأخذ في الاعتبار أن مطلب الديمقراطيين هو ألا يقل حجم الحزمة عن 2 تريليون دولار.
لقد كانت إعادة التشغيل الكاملة لمحادثات التحفيز، هي السبب وراء تحقيق الذهب للمكاسب لليوم الثاني على التوالي يوم الجمعة، وبالمثل تحقيق المكاسب للأسبوع الثاني على التوالي.
يقول إد مويا، محلل شركة التداول (أواندا)، المقيم في نيويورك: "ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير ... بعد أن كان البيت الأبيض هو من رمش أولاً. يبدو أن أسعار الذهب ستستفيد من حزمة تحفيز قبل الانتخابات. ورغم أنه من غير الواضح ما إذا كان الديمقراطيون سيقبلون العرض الأخير ... إلا أنه يبدو أن البيت الأبيض مصمم على إنجاز شيء ما".
مراجعة المعادن الثمينة
في بورصة كومكس التجارية في نيويورك، تداول عقد ديسمبر الآجل لأخر مرة عند 1,936.40 دولار للأوقية، بعد أن كان قد أغلق تداولات الجمعة الرسمية عند 1,926.20 دولار للأوقية، لترتفع هذه العقود بقوة وبمقدار 31.10 دولار، أو ما يعادل 1.6٪ خلال اليوم. أما على أساس أسبوعي، فلقد ارتفع بحوالي 1٪.
وبالنسبة للذهب الفوري، الذي يعكس أسعار السبائك المادية الملموسة، فلقد قفز بـ 36.37 دولار، أو ما يعادل 1.9٪، ليغلق عند 1,930.23 دولار للأوقية. وأنهى الذهب الفوري الأسبوع على ارتفاع بنسبة 1.6٪.
وكان الرئيس ترامب قد قال في مكالمة له مع برنامج إذاعي يوم الجمعة، إنه يريد الموافقة على مساعدات مالية للشعب الأمريكي، أكبر مما تم التفاوض عليه سابقاً في الكونجرس، حتى تتجاوز البلاد الآثار المدمرة لفايروس كورونا. وكان ذلك تحولاً واضحاً لما غرد به قبل أيام فقط، عندما أمر بإلغاء المفاوضات.
وقال الرئيس في البرنامج الإذاعي الذي يقدمه الإعلامي الجمهوري الشهير (رش ليمباه)، في إشارة إلى كل من حزبه وحزب المعارضة: "أود أن أرى حزمة تحفيز أكبر مما يعرضه الجمهوريون أو الديمقراطيون. أريد أن أرى الأموال تذهب إلى الناس"
وكان الرئيس ترامب قد صعق الأمة عندما أعلن ليلة الثلاثاء، وفي تغريدة، عن إنهاء محادثات حزمة التحفيز مع الديمقراطيين، وبدد الآمال في أن يتم إقرار الحزمة من قبل الكونجرس قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر، وأصدر تعليمات لممثليه بإيقاف المفاوضات إلى ما بعد الانتخابات. وأحبط ذلك الآمال في تقديم دفعة للاقتصاد الذي يعاني الأفراد والشركات فيه، من تأثير وباء كورونا المستمر.
وألقى الرئيس الأمريكي باللوم على رئيسة مجلس النواب وزعيمة الديمقراطيين في الكونجرس، نانسي بيلوسي، قائلاً إنها لم ترضى بحجم الحزمة الذي اقترحه الجمهوريون والبالغ 1.6 تريليون دولار، وطالبت بدلاً من ذلك بحزمة ضخمة بقيمة 2.4 تريليون، بهدف دعم الوضع المالي المنهار للحكومات المحلية وحكومات الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون، والتي قال عنها الرئيس ترامب أنها في مأزق مالي لأنها تدار بشكل سيء. ولم ترد بيلوسي على اتهام الرئيس الأمريكي، بل سلكت طريقاً أخر في التعامل مع هذه الاتهامات، حيث شككت بالقدرة العقلية للرئيس، لأنه كان لا يزال يتعاطى الأدوية لعلاجه من فايروس كورونا.
ولكن محادثات التحفيز عادت إلى مسارها يوم الجمعة، بعد أن قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو في حديث له على قناة (فوكس بيزنس) أن ترامب وافق على التفاوض مع الديمقراطيين من جديد حول حزمة تحفيز منقحة. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت لاحق أن البيت الأبيض كان يعمل على حزمة بقيمة 1.8 تريليون دولار، وذلك نقلاً عن أشخاص مطلعين على ذلك.