حازت تايلاند على قبول ورضاء الكثيرين ممن زاروها، بل ويحلم أخرون بزيارتها، ولا غريب في الأمر أنه يطلق عليها "أرض الإبتسامات"، إذ تجتذب نحو 14 مليون سائح سنويًا إلى شواطئها الهادئة ومعابدها المبهرة.
وبالرغم من تعدد الأوجه الايجابية في تايلاند، ما يجعل منها جنة لزائريها، إلا أن وكالة "IPS" نشرت الوجه الآخر للجزر التايلاندية، التي أصبحت بالنسبة لكثير من التايلانديين "أرض التجهم" نتيجة تطبيق قانون التاج أو "المس بالذات الملكية" الصارم.
فقانون المس بالذات الملكية- الذي يهدف لحماية كرامة النظام الملكي- يُدين كل من ينتهكه بالسجن لمدة تتراوح بين 3 أعوام و15 عامًا، إذا أتي بفعل أو تعبير واحد تعتبره المحاكم بأنه تشهير بالملك، أو الملكة، أو ولي العهد أو الوصي.
وتستند قسوة قانون المس بالذات الملكية إلى الأحكام الواردة في قانون العقوبات التي يعود تاريخها لأكثر من 100 عام، وقد تم تعزيز هذا القانون في الآونة الأخيرة عبر قانون جرائم الكمبيوتر، الذي حظي بموافقة الهيئة التشريعية الوطنية المعينة من قبل المجلس العسكري الذي إنتزع السلطة في أعقاب انقلاب في تايلاند في عام 2006.
ويحمل هذا القانون الأخير عقوبة أقصاها 5 سنوات في السجن لمخالفة واحدة، وأصبح هناك قدرا هائلا من الرقابة الذاتية بسبب قانون المس بالذات الملكية، إلى الحد الذي صار فيه الناس يخافون من مجرد الكلام.
الأدهى من ذلك، أنه يمكن اتهام مستخدمي فيسبوك بسبب كتابة تعليق أو مشاركة مادة أو النقر على "إعجاب" على أي محتوى يعتبر مهينا للعائلة المالكة التايلاندية، وسبق وتم الحكم بالسجن 20 سنة على رجل 61 عاما بتهمة إرسال رسائل نصية مهينة- وهي أقصى عقوبة يتم الحكم بها في قضية "خيانة التاج"، حسب تحالف جنوب شرق آسيا للصحافة والمادة 19.
ووفقا للتحالف، طلبت الحكومة من فيسبوك إزالة أكثر من 10000 صفحة تحتوي على صور أو نصوص نشرت من الخارج، ويزعم أنها تتعارض مع قوانين العيب في الذات الملكية في تايلاند.
وحكمت المحاكم في يوم 8 ديسمبر المنصرم على جو جوردون، وهو من مواطني الولايات المتحدة المولودين في تايلاند، لترجمته إلى التايلاندية سيرة محظورة للملك بوميبول أدول فاديج، ونشرها على أحد مواقع شبكة الانترنت، لتدينه المحاكم، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف.
وهكذا إنهارت ثقافة السرية التي تحيط بقضايا قانون المس بالذات الملكية، حيث العدد الفعلي لضحايا هذا القانون لا يزال مجهولاً، فيما يقال أن معدل الإدانة يصل لحوالي 90%، مما زاد من تقويض سمعة تايلاند التي كانت تتمتع بها في السابق كمعقل لحرية التعبير في جنوب شرق آسيا.
وقد تم تعطيل جهود هيئات الرقابة العالمية لحقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، التي ترصد أوضاع السجناء السياسيين، ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من معرفة عدد السجناء السياسيين في تايلاند منذ انقلاب عام 2006، بسبب غموض نظام العدالة فيما يتعلق بالسجن السياسي.
إلا أن ذلك كله لا يسبب أي مشكلة لقائد الجيش التايلاندي القوي. "بالنسبة لي شخصياً، أشعر أننا يجب ألا نتحدث عن هذا (القانون)، وأنا لا أريد المبالغة بشأنه"، كما قال الجنرال براييوث تشان -أوتشا للصحفيين في آوخر ديسمبر.
وإقترح الجنرال حلاً من وجهة نظره مفاده: "إذا كان الناس يعتقدون أن القانون التايلندي ظالم أو قاس جدًا، فيمكنهم أن يذهبوا للعيش في الخارج.