تشهد فرنسا حاليًا دهشة ممزوجة بالقلق حول قرار دولة قطر بتمويل صندوق استثمار قيمته 50 مليون يورو لدعم مشروعات اقتصادية لفرنسيين من أصل مغاربي في الضواحي، ما أدى إلى تساؤل البعض عن نوايا قطر غير المعلن عنها من وراء هذه المبادرة.
فبعد كرة القدم وشراء نادي باريس سان جيرمان، ها هي قطر -التي لا تتعدى مساحتها مساحة منطقة فرنسية متوسطة فيها- تستثمر في الاقتصاد والضواحي الفرنسية في ذات الوقت، ما سينعكس بالطبع على نفوذها في فرنسا، خاصةً في ظل أزمة الديون التي تعصف بالدول الأوروبية وتطال فرنسا.
وقرار دولة قطر تمويل صندوق استثمار بقيمة 50 مليون يورو لدعم مشاريع اقتصادية يتقدم بها فرنسيون من أصل مغاربي في ضواحي العاصمة باريس، ليس بالجديد وتناولته الصحف الفرنسية في ديسمبر الماضي.
وطبقًا لما أفادت به "France 24"،يعود القرار القطري إلى فكرة بسيطة كان قد طرحها أعضاء في الجمعية الوطنية الفرنسية للمنتخبين المحليين تحت شعار التعددية، لتتجسد الفكرة على الأرض بسرعة مذهلة.
وكان أول ما قام به أعضاء هذه الجمعية هو أنهم بعثوا برسالة إلى سفارة قطر في فرنسا طالبين موعدًا لمقابلة السفير، وفور استقبالهم، عرضوا عليه مشاريعهم وطالبوا بدعم مالي لتنفيذها.
وبعد أشهر قليلة، انتقل وفد من الجمعية، ضم 5 رجال و5 سيدات، إلى قطر للقاء مستثمرين محليين وقد دعاهم الأمير خليفة بن حمد آل ثانٍ إلى وجبة غداء تبادلوا خلالها الحديث والآراء حول مشاريعهم واحتمال مساهمة قطر فيها.
من جهته قدم نبيل النصري، أطروحة لجامعة ستراسبورغ الفرنسية بشأن قطر، نشرتها مجلة "لوموند" الفرنسية، قال فيها إنها تسعى من خلال تمويلها مشاريع لفرنسيين من أصول عربية وإسلامية إلى إيصال أفكارها وترسيخ نفوذها داخل فرنسا من خلال أبناء هذه الجالية، التي يقطن أغلبية أفرادها في الضواحي.
وأشار "النصري" إلى أن نخبة من المفكرين والباحثين القطريين أعدوا في العام 2008 دراسة لبحث مكانة قطر في العالم بحلول 2030، وعزز من وجهة نظره أن مثقفين فرنسين ورجال سياسة قد ذكروا إن قطر، فضلت خيار الاستثمار الاقتصادي على الاستثمار الديني الذي يقوم أساسا على تمويل بناء المساجد لصالح الجالية العربية الإسلامية في فرنسا، الأمر الذي يعني إنها تبنت خيارًا على عكس ما تقوم به دول عربية وإسلامية أخرى.