يتزايد الشعور بالإحباط في شرق ليبيا من المجلس الوطني الانتقالي بعد مرور عام تقريباً على بدء انتفاضة بنغازي ضد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، ومرور ثلاثة أشهر على مقتله.
وحتى الآن، لم يتعاف الاقتصاد الليبي، وما زال العاملون في الحكومة لا يتلقون رواتبهم. وهناك مشاكل كبيرة تتعلق بالسيولة، إلي حد أن البنوك قادرة على صرف مجرد 2000 دينار ليبي فقط (حوالي 1500 دولار) شهرياً لكل حساب مصرفي.
وخلق الضغط الاقتصادي جواً من عدم الثقة بالمجلس الوطني الانتقالي الذي كان محبوباً في السابق، كما كثرت الشائعات حول الفساد وتسلل عناصر النظام السابق.
وطبقًا لما أوردته وكالة "IPS"، يريد كثير من الناشطين أن يكون كل من المجلس الوطني الانتقالي وأية حكومة مستقبلية خاليين تماماً من رجال القذافي، ومع ذلك، فالمشكلة الحقيقية هي انعدام الشفافية والتواصل من قبل المجلس الوطني الانتقالي.
ويقول عبد السلام الشريف، وهو محام وناشط سياسي (33 عاماً)، "لقد فقد المجلس الوطني الانتقالي مصداقيته لدي الشعب، لقد اكتسب المجلس شرعيته من الثورة، لكن لابد له من خدمة الشعب".
ويستطرد المحامي الليبي: "لذلك نحن نتساءل: من هم هؤلاء الأعضاء ولماذا يتم إخفاء اسمائهم؟ هذه شفافية مطلوبة بشكل أساسي، ونحن لا نعرف حتى كم عددهم، وفي كل مرة نسأل فيها... نحصل على إجابات مختلفة".
فيما ذكر فتحي باجا، وهو عضو مؤسس بالمجلس الوطني الانتقالي، أن المجلس يضم 72 عضواً، إلا أن وجهة نظر "الشريف" هي الأصح، فموقع المجلس الوطني الانتقالي الإلكتروني يذكر 66 عضواً ويسرد أسماءهم، ومناصبهم، وبلداتهم، وسيرهم الذاتية.
وبالتالي، يتبين من الإطلاع علي الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني الانتقالي أن القائمة غير مكتملة، وأنه قد تم تحميلها في 29 يناير فقط وليس قبل ذلك،أما صفحة الفيسبوك الخاصة بالمجلس، فتقول منذ يوم 24 ديسمبر إن هناك 42 عضواً، في حين كانت قد ذكرت 61 عضواً يوم 8 ديسمبر.
وقال الشريف: "نحن لا نعارض وجود المجلس الوطني الانتقالي، نحن نريد فقط أن نعرف من هم!"
واعترف عضو المجلس باجا، بأخطاء المجلس في مجال التواصل ونشر المعلومات، لكنه أوضح أنه بصدد اتخاذ تدابير لتحسين ذلك.
وشدد على أن المجلس الوطني الانتقالي سوف يختفي من الوجود بعد إجراء الانتخابات في يونيو، إضافة لذلك، تعهد جميع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بعدم الترشح.
وقال باجا إن "الهجوم على مبنى المجلس الوطني الانتقالي قد أظهر لنا المدى الذي قد تتدهور إليه الأوضاع". وأضاف، "نحن نقوم الآن بإعادة تنظيم وسائل الاعلام الرسمية كي نستخدمها في التواصل بشكل أفضل مع الناس، وربما لو كنا فعلنا ذلك قبل شهر واحد لما كنا عانينا من هذه المشاكل".
وأوضح أنه بالرغم من كل ذلك، فقد تمكن المجلس الوطني الانتقالي من إنجاز الكثير بالنظر لافتقار ليبيا لأية مؤسسات، وأنه بدأ في بناء دولة من الصفر، وأضاف، أن الأمن لا يزال يمثل مشكلة، فالجيش والشرطة غائبان، والميليشيات المحلية هي التي تملأ هذا الفراغ، وهي ظاهرة يحاول المجلس الوطني الانتقالي إنهاءها.
وقال باجا فيما يتعلق بالاقتصاد إن "الحكومة الانتقالية التي عينها المجلس الوطني الانتقالي تعد الآن الميزانية التي ستحدد حصص الأموال لمختلف القطاعات".
ويضيف، "الأموال المجمدة موجودة في حوزتنا، ولكن لابد لنا من وضع ميزانية أولاً، ولا يقتصر الأمر على كون الشعب الليبي يراقبنا، فهذه هي حال المجتمع الدولي برمته، ولكن يتوجب علينا أن نبدأ بتغيير طبيعة الاقتصاد الليبي، فقد كان القذافي ينفق 17 مليار دولار في العام على رواتب موظفي الحكومة، وهذا أمر لا يجوز الاستمرار فيه، ولا يمكن إدارة دولة بهذه الطريقة،ولابد لنا من تشجيع القطاع الخاص على النمو".