دعا تقرير عن التنمية العربية الذى صدر اليوم الأحد تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة الانمائى إلى ضرورة التحول عن نموذج الاقتصاد السياسى السائد فى الدول العربية والذى أدى إلى تركز السلطة السياسية والاقتصادية فى ايدى قلة قليلة واثار سخطا شعبيا واسع النطاق.
وقال تقرير "تحديات التنمية فى الدول العربية 2011.. نحو دول تنموية فى المنطقة العربية".. إن موجة التغيير التى بدلت الخريطة السياسية فى المنطقة العربية منذ بدايات 2011 تستدعى ضرورة التحول من "الدولة الريعية" التى تعتمد على العائد من ايجار الموارد الطبيعية وبيعها الى "نموذج الدولة التنموية التى تعطى أولوية لقضايا الحوكمة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعمل اللائق.
واطاحت انتفاضات الربيع العربى منذ مطلع 2011 بأربعة رؤساء فى تونس ومصر وليبيا واليمن خلال نحو عام.. وتضغط انتفاضة مماثلة فى سوريا باطراد على الرئيس بشار الاسد وسط مطالب عربية ودولية بتنحيه
وقال التقرير إن "الدولة التنموية قادرة على تحويل الامكانيات الهائلة والموارد الطبيعية فى المنطقة الى قاعدة يتأسس عليها النمو الاستيعابى الذى يحترم حقوق الانسان ويحد من الفقر ويخلق فرصا للعمل اللائق وينظر الى الانفاق الاجتماعى على انه استثمار حقيقى فى المستقبل".
واشار الى ان ادارة استخدام الموارد الطبيعية بصورة مستدامة تشكل اخطر تحديات التنمية طويلة الاجل فى المنطقة العربية
واكد ان التكامل العربى اصبح "ضرورة ملحة للمنطقة على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية"
واشار الى ان الدافع وراء عقد اول قمة عربية مخصصة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية والتنموية عام 2009 كان الاتفاق على أن "قضايا التنمية يمكن ان تحسن بصورة كبيرة التعاون العربى فى مرحلة سيطرت عليها قضايا مثيرة للانقسام السياسي".
واضاف ان صناع القرار فى المنطقة كانوا يدركون انها تمر "بمنعطف تاريخى حرج فى ظل تهديدات ليس فقط للامن الوطنى وانما للامن الاجتماعى والاقتصادي.
وقال التقرير ان المنطقة فشلت عموما فى تحويل ثروتها النفطية الهائلة الى تحسين مستوى رفاهية الانسان وخفض الحرمان البشري.
واضاف ان شدة الفقر فى الريف والتفاوت الكبير بين التنمية الريفية والحضرية يدلان على فشل سياسات التنمية الريفية.
ويقطن 50% من السكان العرب فى المناطق الريفية فى حين ان الزراعة وهى النشاط الاقتصادى فى الريف تسهم بما لا يزيد على 15 % من الناتج المحلى الاجمالى العربي
وقال التقرير ان المنطقة العربية "هى الاكثر تعرضا لزيادة الفقر نتيجة للصدمات مثل ارتفاع اسعار المواد الغذائية والركود الاقتصادي"
واشار الى ان النموذج السائد للعقد الاجتماعى العربى قام على اساس "مقايضة المواطنين حريتهم السياسة فى مقابل تلقى خدمات بعينها مثل العمل الحكومى والنفاذ الى الرعاية الصحية العامة والتعليم والاعفاء من سداد الضرائب او دفع ضرائب منخفضة".
وادت هذه الاوضاع الى "عمليتين يفرز بعضها بعضا... انعدام فى المساءلة العامة للدولة والتركز المتزايد للسلطة السياسية والاقتصادية فى ايدى قلة قليلة".
وقال التقرير ان هذا العقد الاجتماعى تعرض للضغط منذ سبعينيات القرن الماضى بسبب الضغوط الاقتصادية.
واضاف "ان الانتقال من الاقتصاد السياسى القائم على الريع الى نموذج الدولة التنموية امر ممكن من خلال تبنى آليات المساءلة السياسية والاجتماعية والادارية التى تعزز التنمية الاستيعابية فى كلا المجالين السياسى والاقتصادي".
واشار الى ان مثل هذا التحول يعتمد على تصميم وتنفيذ اطار جديد للمساءلة ينهض على الفصل بين السلطات ويعترف بالحق فى المعلومات.
واضاف ان الامر الاكثر اهمية هو أن "التحرك باتجاه الدولة التنموية يتطلب جهودا مكثفة لادارة اربعة موارد اساسية بشكل ملائم وهي.. الطاقة والمياه والارض الزراعية والموارد البشرية."
واشار التقرير الى ان المرأة العربية تتحمل العبء الاكبر من البطالة اذ "تتسم حصة النساء العاملات فى وظائف غير زراعية بالانخفاض الشديد حيث تقل النسبة عن 20 % وهى النسبة الادنى بين المناطق النامية" على مستوى العالم.