شرعت الحكومة البرازيلية فى تمتين نموذجها للتعاون بين بلدان الجنوب، وذلك سعيا منها لتعزيز دورها كدولة مانحة وتقوية نفوذها على الساحة الدولية.
وبالفعل تساعد البرازيل الآن 65 بلدًا بعد أن تضاعفت معوناتها الخارجية 3 مرات خلال السنوات الـ 7 الماضية.
فأطلقت البرازيل الآن مبادرات مساعدات جديدة تشمل 5 دول افريقية لتمويل شراء المواد الغذائية، مما يُعزز انتقال هذا العملاق الأمريكى اللاتينى من دولة متلقية للمعونات تقليديا، إلى كونه عضوا فى مجموعة الدول المانحة للمساعدات الخارجية.
ولقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة فى الشهر الأخير أن البرازيل سوف تساهم بمبلغ 2.37 مليون دولار لتمويل برنامج المشتريات المحلية من المواد الغذائية، وذلك لصالح المزارعين والشرائح الضعيفة من السكان فى اثيوبيا وملاوى وموزامبيق والنيجر والسنغال.
ومن خلال هذا البرنامج -الذى تشرف على تنفيذه منظمة الأغذية والزراعة "FAO"وبرنامج الغذاء العالمي- ينتفع المستفيدون بتجربة البرازيل الناجحة التى إكتسبتها بفضل برنامج شراء الأغذية الخاص بها.
كما يشار إلى أن برنامج شراء الأغذية البرازيلى يستند إلى أن تتولى الدولة شراء إنتاج صغار المزارعين وتوزيعه على الفئات المعرضة للخطر الغذائي، بما فى ذلك الأطفال والمراهقين من خلال برامج الوجبات المدرسية.
وبهذا يهدف البرنامج البرازيلى إلى تعزيز أسواق المواد الغذائية المحلية، ناهيك عن المساعدة فى مكافحة الجوع فى البلاد.
هذا ويعتبر البرنامج البرازيلى واحدا من ركائز برنامج القضاء على الجوع الذى وضعته حكومة الرئيس السابق لويز ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2011) وتواصله خليفته الرئيسة ديلما روسيف، وكلاهما من اليسار المعتدل وينتميان إلى حزب العمال.
فساهم هذا البرنامج -جنبا إلى جنب مع السياسات العامة الأخرى للحد من الفقر- فى تقليص نسبة سوء التغذية بقدر 25%، فضلا عن خروج حوالى 24 مليون نسمة من حالة الفقر المدقع.
وشرح ماركو فاراني، مدير وكالة التعاون البرازيلية، أن الأمر يتعلق بوسيلة "لمساعدة الحكومات الأخرى على وضع سياسات لدعم الزراعة العائلية التى يمثل إنتاجها 60 فى المئة من المواد الغذائية المستهلكة فى البرازيل".
وأضاف لوكالة "IPS"، إن برنامج شراء الأغذية البرازيلى "يعمل بشكل جيد جدا، ويبقى على الأهالى فى المناطق الزراعية لرعاية قطع الأرض الصغيرة الخاصة بهم، وذلك كأسلوب للحياة والمعيشة".
وينص مشروع مساعدة الدول الأفريقية على تعاون البرازيل مع منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، فى مجالات إنتاج وتوريد البذور والأسمدة، وتنظيم عمليات الشراء وتوزيع الأغذية، وغيرها.
ويجدر التذكير بأن المدير العام الحالى لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، هو البرازيلى جوسيه دا سيلفا غرازيانو، وهو الذى شدد فى مقابلة مع وكالة إنتر بريس سيرفس فى ديسمبر الأخير، على إلتزامه بنقل التجربة البرازيلية إلى هذه المنظمة، خاصة فى مجالات دعم دورة إنتاج وتوريد البذور والأسمدة المحلية، وتنظيم عمليات شراء الأغذية وتوزيعها، وغيرها.
هذا ويتعلق الأمر بنموذج للتعاون شرعت البرازيل فى تطبيقه منذ عام 2005. فى تلك السنة –التى كانت فيها البرازيل بالفعل سادس أكبر إقتصاد فى العالم- رصدت البرازيل158.1 مليون دولارا للمساعدات الخارجية، وهو المبلغ الذى ضاعفته فى عام 2009 إلى 362.8 مليون.
وتقدر وكالة التعاون البرازيلية التابعة لوزارة الخارجية، أن المساعدات الدولية الرسمية فى عام 2010 قد بلغت 400 مليون دولارا.
والآن تخطط البرازيل لاستثمار 125 مليون دولار للتعاون التقنى للسنوات الثلاث المقبلة، أى أكثر من ضعف ما تتلقاه من مساعدات دولية فى هذا المجال.
ولفت مدير وكالة التعاون البرازيلية، إلى أن أمريكا اللاتينية تتلقى 45% من موارد المساعدات الخارجية البرازيلية، فيما توزع نسبة 55% على غيرها من مناطق العالم النامى على مستوى التعاون الثنائي، ولكن أيضا من خلال الأمم المتحدة، كما هو الحال بالنسبة لبرنامج الخمس دول الأفريقية.
وشدد "فاراني" على أن البرازيل لا تفرض أية حلول أو نماذج مغلقة فى مجال التعاون بين دول الجنوب، "فنحن نحرص على التعرف على تجارب البلدان الأخرى وتوسيع تجربتنا حسب إمكانياتها.
جدير بالذكر أن البرازيل تعد واحدة من أكبر 10 دول مانحة لبرنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة.