حالة من التفاؤل تسود بين الاقتصاديين والمستثمرين بسبب شروع البرلمان فى مناقشة إجراء تعديلات جوهرية فى قانون منع الممارسات الاحتكارية المعيب ، الذى تسبب فى تشوهات سوقية كبيرة فى السنوات السابقة ، حيث يرى المستثمرون وخبراء الاقتصاد فى مصر ضرورة تعديل هذا القانون الذى يصفونه بالهش والذى أضاع فرصاً استثمارية كبيرة على البلاد فى السنوات الماضية.
ويؤكد الدكتور ايهاب الدسوقى عميد مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الادارية إن القانون رقم 3 لسنة 2005 المعروف بقانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ، يعد من المعوقات الحقيقية لجذب الاستثمارات العربية والاجنبية إلى مصر نظراً لعدم قدرته على مواجهة الكيانات الاحتكارية فى الفترة الماضية للدرجة التى جعلت جهاز المنافسة لا يعتبر شركات تستحوذ على أكثر من 67% من السوق غير محتكرة وهذا كان أمراً غير مقبول بالمرة.
وأوضح الدسوقى إن المستثمرين العرب والأجانب قبل دخول السوق ينظرون إلى القوانين المنظمة للاستثمار كأحد أهم الاساسيات لدخول البلدان المتلقية للاستثمار ، وقوانين منع الممارسات الاحتكارية أحد أهم هذه القوانين ، ونظراً لهشاشة القانون المصرى فقد كان المستثمرون يتخوفون من دخول السوق نظراً لوجود كيانات احتكارية ستحجم من أعمالهم فى حال الدخول والمنافسة على نفس المنتج الذى تطرحه الشركات المحتكرة ، كذلك فإن المخاوف كانت بصفة عامة للدخول إلى السوق ، نظراً لعدم قدرة القانون على حماية المستثمر إذا ظهرت ممارسات احتكارية جديدة .
وأردف الدسوقى إن القانون كان لا يفعل شيئاً سوى فرض غرامات صغيرة على المحتكر ، فعلى سبيل المثال لو أن إحدى الشركات المحتكرة ربحت جراء احتكارها عشرة ملايين جنيه مصرية فإن الغرامة المفروضة كانت تصل مثلاً إلى مليون جنيه ، وهذا كان بمثابة أمر غير مقبول بالمرة ، لأنه لا يمكن أبداً أن يردع الشركات المحتكرة ، قائلاً :"من الضرورى أن يتم تضمين القانون الجديد مواداً صارمة لمواجهة الاحتكار كمصاردة كافة الارباح الناتجة عن الممارسات الاحتكارية وفرض غرامة إضافية ".
وأشار الدسوقى إلى أنه من الممكن أن يتم التصرف مع الشركات المحتكرة القائمة بأن يتم تقسمها إلى أكثر من شركة وذلك مثلما فعلت أمريكا مثلاً مع شركة مايكروسوفت ، كذلك فلابد أن يكون جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يمتلك السلطات الرقابية المناسبة التى تجعله يستطيع السيطرة على أية ممارسات احتكارية بالسوق.
وأضاف الدكتور ايهاب الدسوقى أن أحد أهم الأمور التى ستنتج عن وضع قانون قوى لمنع الممارسات الاحتكارية هو تراجع أسعار السلع والخدمات بشكل كبير ، نظراً لأن الممارسات الاحتكارية تتسبب فى رفع الاسعار ومعدلات التضخم ، أما ثانى النتائج الايجابية فهى رفع جودة الخدمات والسلع المقدمة لأن الممارسات الاحتكارية تتسبب فى تراجع جودة المنتجات والسلع.
من جانبه يؤكد على حمزة ، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين المصرية ، إن ضعف قانون منع الممارسات الاحتكارية كان سبباً فى انصراف عدد كبير من المستثمرين العرب والأجانب عن دخول السوق المصرية فى السنوات السابقة ، مشيراً إلى أن هناك عددا من المستثمرين الكويتيين كانوا قد أبدوا رغبتهم فى الاستثمار بمحافظة اسيوط قبل سنوات قليلة وقد قاموا بجولة إلى المحافظة نظمها اتحاد جمعيات المستثمرين إلا أنهم لم يقدموا على تنفيذ مشروعاتهم بسبب ضعف البنية التحتية وكذا تخوفهم من تأثيرات ضعف قانون منع الممارسات الاحتكارية ، لأنهم بدراسة السوق تبينوا أن الكيانات الاحتكارية تسيطر على القطاعات التى أرادوا أن يضخوا استثماراتهم بها .
ويتضمن مشروع القانون الجديد تعديل المادة 12 والتى تختص بتشكيل مجلس إدارة الجهاز حيث يقترح المشروع أن يتم تشكيل مجلس إدارة الجهاز بقرار من رئيس مجلس الوزراء وليس وزير التجارة كما هو فى مشروع القانون الحالى ويعطى مشروع القانون اليد العليا لمجلس الشعب فى اختيار أعضاء هذا الجهاز، ويقترح أن يكون رئيس الجهاز متفرغا من ذوى الخبرة، كما يقترح المشروع الجديد أن يضم الجهاز فى عضويته قانونى بدرجة أستاذ فى القانون التجارى أو المدنى أو محام بالنقض لا تقل خبرته عن خمسة وعشرين عام يختاره المجلس، كما يختار المجلس أيضا أستاذ اقتصاد.
ووفقا لمشروع القانون المقترح فقد تم تعديل فى المادة الرابعة من القانون الحالى حيث تم إضافة بند الخدمات إليها، ليصبح تعريف الاحتكار هو السيطرة على السوق والتى تقاس بقدرة الشخص الذى تزيد حصته عن 25% من تلك السوق على إحداث تأثير فعال على الأسعار أو مقابل الخدمة.