توقعت دراسة لمؤسسة "ماكينزى آند كومباني" الاستشارية العالمية أن يكون لتطبيق متطلبات "بازل 3" تأثير جوهري على القطاع المصرفى الأوروبي، نظرًا لأن تلبية المتطلبات التى تقضى بها الاتفاقية من شأنها أن تجعل الصناعة المصرفية الأوروبية بحاجة لحوالى 1.1 تريليون يورو للوفاء بالمستوى الاول المطلوب لكفاية رأس المال حتى عام 2019، بالإضافة لحاجتها لسيولة نقدية قدرها 1.3 تريليون يورو على المدى القصير، علاوة على 2.3 تريليون يورو للتمويل طويل الأجل، حالة غياب أى إجراءات لتخفيف تلك القواعد.
وأصدرت "ماكينزى آند كومباني" الاستشارية العالمية الدراسة حول تأثير اتفاقية "بازل 3" على البنوك الأوروبية والأمريكية ومدى استجابتها والتحديات التى قد تواجهها خلال تطبيقها للبنود التى أقرتها فى الربع الثانى من 2010.
وورد بالدراسة أن تأثير تطبيق "بازل 3" سيكون مماثلًا بالنسبة للقطاع المصرفى الامريكي، مع اختلاف دوافع التأثير، حيث قدرت "ماكينزي" عجز القطاع المصرفى الأمريكى للوصول إلى مستوى رأس المال الاول الذى تحدده الاتفاقية بنحو 870 مليار دولار (بما يعادل 600 مليار يورو) .
وخلصت الدراسة إلى أن القطاع المصرفى الأمريكى سيكون بحاجة إلى سيولة نقدية على المدى القصير عند 800 مليار دولار (ما يقرب من 570 مليار يورو) بالإضافة إلى مواجهة القطاع لفجوة تمويلية طويلة الأجل عند مستوى 3.2 تريليون دولار (حوالى 2.2 تريليون يورو).
وبذلك يكون القطاعان المصرفيان "الأوروبى" و"الأمريكى" مازالا عند مستوى أقل من مستوى رأس المال المطلوب منهم بنسبة 60%، علاوة على وجود فجوة تمويلية تعادل 50% من السيولة النقدية التى يجب توفيرها على المدى القصير.
وبافتراض أن تلك البنوك حققت ارتفاعًا فى أرباحها ونموًا فى موازنتها الإسمية بنسبة 3% حتى حلول عام 2019، فإن متطلبات رأس المال فى أوروبا يتوقع أن ترتفع لتصل إلى 1.2 تريليون يورو، وأن تكون البنوك بحاجة لمتطلبات سيولة قصيرة الأجل عند 1.7 تريليون يورو، وتمويل طويل الأجل قدرته المؤسسة الاستشارية بحوالى 3.4 تريليون يورو.
ولسد تلك الفجوات، سيكون التأثير الأكبر على معدلات الربحية، وحال بقاء العوامل الأخرى على حالها دون تغيير، ستقلل قواعد "بازل 3" من معدل العائد على حقوق المساهمين "ROE" للبنوك بنسبة تصل فى المتوسط إلى 4 نقاط مئوية فى أوروبا و 3 نقاط مئوية فى الولايات المتحدة.
مع اعتبار تفاوت التأثير مع اختلاف قطاعات البنوك بين الاستثمارية والتجزئة المصرفية والبنوك التى تقدم خدماتها المصرفية للشركات، لتكون بنوك التجزئة المصرفية الأقل تأثرًا، فيما ستجد المؤسسات المالية ذات المعدل الرأسمالى المنخفض، نفسها تحت ضغوط هائلة للوفاء بالمتطلبات الجديدة.
وفيما يتعلق ببنوك الاستثمار، فتكون شديدة التأثر خلال السنوات القليلة المقبلة نظرًا لارتباطها الوثيق بالقطاعات الاقتصادية التى ضربتها الأزمة المالية لاسيما قطاعا التجارة والتوريق.
وحتى يتسنى للبنوك العمل فى تلك البيئة التشغيلية الجديدة، وحفاظًا على عوائد المساهمين، تتجه البنوك لانتهاج سياسات خفض التكاليف وتعديل الأسعار.
وبالرغم من طول الفترة الانتقالية لدخول "بازل 3" حيز التنفيذ قبل نهاية 2012، إلا أن تلبية استحقاقات معايير الاتفاقية بالنسبة للبنوك متوسطة الحجم والتنفيذ الفنى لمعاييرها سيضيف عبئًا تتراوح نسبته بين 30 و50% على الأعباء التى تتكبدها بالفعل تلك البنوك للوفاء باتفاقية "بازل 2"، وهو ما سيتطلب 3 مبادرات، أولاها التخطيط الاستراتيجى من قبل البنوك واستعدادها للامتثال لقواعد بازل 3، وثانيها اعتماد خطة للمقارنة بين العوائد والمخاطر عند مستويات رأس المال المتفاوتة، وأخيرًا تطبيق سياسات إدارية حكيمة.