يجرى حالياً تدارس وضع الاحتجاجات التى اندلعت فى عدد من البنوك اليوم هى "التنمية والائتمان الزراعى" و"الأهلى" و"الإسكندرية"، و"المصرف المتحد" بالإضافة إلى بنك مصر، على مستويات عليا بالدولة حيث علم "الخبر الاقتصادى" أن اتصالات عديدة دارت خلال اللحظات القليلة الماضية بين الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى, وعدد من قيادات البنوك فى محاولة للسيطرة على احتجاجات العاملين المطالبين بزيادة فى الأجور وزيادة العلاوات الاجتماعية الاستثنائية والحوافز تمهيداً لإعداد هياكل مالية وإدارية جديدة للعاملين بها تتفادى الفجوة الكبيرة القائمة بين أجور العاملين وقيادات البنوك.
ومن المنتظر أن تسفر هذه الاتصالات عن تهدئة الأوضاع بعدد من هذه البنوك فى مقدمتها بنكا مصر والأهلى، حيث يتردد أن محافظ البنك المركزى يسعى لإثناء طارق عامر، رئيس البنك الأهلى, عن الاستقالة التى تقدم بها نتيجة رفض مقترحاته الإصلاحية التى بادر بطرحها فى اجتماع خاص ضم عددًا من هؤلاء العاملين يوم الخميس الماضى، إلا أنه فوجئ برفضها، تأتى محاولة "المركزى" للسيطرة على هذه الأوضاع فى محاولة منه للحفاظ على نشاط السوق المصرفية الشريان الرئيسى فى هذه المرحلة, الذى يضخ الحياة إلى الاقتصاد الوطنى.
من جانبه عبر هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، فى اتصال خاص مع "الخبر الاقتصادى", عن قلقه من تحول الشعور العام داخل المجتمع فى اتجاه تعميق المصالح الفئوية والمكتسبات على حساب المصلحة العليا للوطن محذراً من عواقب الفوضى ومنح الذرائع والمبررات للالتفاف على ما حققته ثورة 25 يناير, وإتاحة الفرصة لحكم شمولى باسم الحفاظ على الاستقرار, وطالب الإعلام برفع مستوى الوعى لدى المواطنين للارتفاع عن الأهواء الشخصية والميول الذاتية والالتفات إلى احتياجات البناء والتنمية فى هذه المرحلة.
فى الوقت نفسه تخوف عدد من المصادر من انتقال عدوى هذه الاحتجاجات إلى بنوك خاصة أخرى بعد أن تركزت اليوم فى بنوك القطاع العام أو تلك التى كان لها ارتباط فى السابق بتلك البنوك، حيث بدأت بعض اللجان النقابية والعاملين بعدد من البنوك الخاصة فى تدارس أوضاع العاملين بها, وإعداد مذكرات بالأوضاع التى تطالب بتغييرها، ومنها بنوك "الوطنى المصرى" و"الاستثمار العربى" و"العربى الأفريقى"، وقد سارعت إدارات هذه البنوك إلى فتح قنوات اتصال مع العاملين للحيلولة دون تصاعد الاحتجاجات لتفادى ما شهدته البنوك الأخرى, التى أثرت الاحتجاجات فيها على سير العمل وانتظام المعاملات المصرفية.
كانت بنوك "التنمية والائتمان الزراعى" و"الأهلى" و"المصرف المتحد" قد استهلت يومها بتجهيز عدد من العاملين وممثلى اللجان النقابية أمام مقارها الرئيسية، حيث بلغت الاحتجاجات ذروتها فى المركز الرئيسى لبنك التنمية والائتمان الزراعى بشارع قصر العينى ولم يكتف المحتجون بالتجمهر والهتاف بل وصل الأمر إلى الاشتباك مع بعض عناصر الإدارة العليا, التى تدخلت لمعرفة مطالبهم وفق تصريحات لمصدر مسئول بالبنك ورفض المحتجون السماح بمزاولة العمل داخل البنك أو التحاور مع أى من القيادات داخل البنك, وطالبوا بالاجتماع بوزير الزراعة وحضوره بنفسه للتفاوض معهم.
وفى البنك الأهلى فاجأ العاملون به وأعضاء اللجنة النقابية مجلس الإدارة بالتجمهر أمام المركز الرئيىسى بكورنيش النيل رغم الاجتماع الذى عقده طارق عامر، رئيىس مجلس الإدارة, بمبادرة منه يوم الخميس الماضى لتسوية أوضاعهم,وبلغ عدد الحضور به نحو 2.5 ألف عامل حاول "عامر" إرضاءهم جميعاً ووعد بزيادة الأجور نحو 15% ودراسة كل حالة تطلب تسوية أوضاعها فى غضون فترة قصيرة لتحقيق حالة من الرضا فى أوساط العاملين، إلا أن عدداً منهم قام بالتجمهر صباح اليوم, وأعلن رفضه وعود عامر وطالبوه بالرحيل, مما دفعه إلى تقديم استقالته من منصبه, فيما تجرى حالياً محاولات لإثنائه عنها.
وفى الفرع الرئيسى لـ"المصرف المتحد"بالقرب من ميدان المساحة بمنطقة الدقى تجمهر نحو 400 موظف وطالبوا بزيادة الأجور بواقع 25%, وإعادة إعداد هيكل مالى وإدارى جديد للعاملين، ورددوا شعارات ضد الإدارة رغم إعلان إدارة البنك برئاسة محمد عشماوى عن زيادة 15% بالأجور وصرفها اعتباراً من الشهر الحالى.
وفى كل من بنكى الإسكندرية ومصر بوسط المدينة انتقل المشهد دون تغييرات جوهرية وبطريق العدوى المباشرة عبر اللجان النقابية بالبنكين، وتم وعد العاملين بالعمل على حل مشكلاتهم فى الساعات القليلة المقبلة.
تنفجر هذه الأزمة فى وقت بالغ الدقة والحساسية حيث تنتظر الأسواق فى الداخل تدفق أموال البنوك إلى قطاعات الاقتصاد المختلفة أملاً فى التحرك السريع نحو التعافى وعودة النشاط التدريجى، وفى الوقت الذى تنتظر فيه الأسواق الخارجية أى إشارات قادمة من الداخل عن الاستقرار وبدء مرحلة البناء.
إقراء لرئيس التحرير
أوقفوا العبث ببنوك الوطن