اعتبرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية ظهور الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني في اللحظة الأخيرة في مضمار سباق الرئاسة الإيراني بمثابة تحول دراماتيكي للسباق.
ورأت أن هذه الخطوة من قبل رفسنجاني كفيلة بإغلاق باب التكهنات التي امتدت لشهور حول إمكانية إقدام أحد الإصلاحيين من أهل الثقة على منافسة ما يعرف بتيار "المبدئيين" المحافظ والموالي للمرشد الإيراني علي خامنئ المهيمن على سياسة البلاد، والذي تقدم بأربعة مرشحين قد ينتهوا إلى مرشح واحد.
ولفتت المجلة إلى أن رفسنجاني (78 عاما) مشهور بدهائه، فطالما قدم نفسه كمعتدل وبراجماتي، وليبرالي عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، مشيرة إلى تعهده بتشكيل حكومة وحدة تضم ذوي الخبرة من القادة والمدراء في مقابل سياسات الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد التي غلب عليها التعصب والشعبوية.
ونوهت "الإيكونوميست" عن شعبية رفسنجاني بين الإيرانيين الذين ينسبون له الفضل في إعادة بناء الاقتصاد إبان فترة حكمه 1989-1997 بعد أن استطاع إقناع المرشد الإيراني آنذاك روح الله خميني بإنهاء حرب العراق التي امتدت زهاء ثماني سنوات تمخضت عن آثار اقتصادية كارثية.
وعلى الرغم من انتقاد الكثيرين لثرائه الفاحش، إلا أنه معترف له في الوقت ذاته بأنه الشخص الوحيد الذي يمتلك من الدهاء والنفوذ ما يؤهله لإبرام صفقة مع الغرب تنهي كابوس العقوبات الاقتصادية على إيران التي أسفر طول عهدها عن تدمير اقتصاد البلاد.
ولكن رفسنجاني لا يحظى بثقة المرشد الحالي، بحسب المجلة التي اعتبرت ذلك بمثابة السر المذاع، مرجحة إمكانية تفسير المرشد لترشح رفسنجاني لخوض انتخابات الرئاسة على أنه يمثل تهديدا بتحول خطى الجمهورية الإسلامية عن مسارها الصحيح.
وأعادت المجلة البريطانية إلى الأذهان دعم خامنئي لنجاد في انتخابات عام 2005 على حساب رفسنجاني، قائلة إن خامنئي منذ ذلك الحين وهو يواصل تحجيم قوى رفسنجاني.
واعتبرت "الإيكونوميست" ترشح رفسنجاني للرئاسة هذه المرة سببا للصداع بالنسبة لخامنئي: ذلك أن مجلس الأوصياء لو رفض ترشيح رفسنجاني فإن ذلك سيثير غضبا شعبيا، ولو أن المجلس قبل ترشيحه وخاض الرجل السباق وفاز فإن قوى المرشد ستضمحل بلا شك.
وفضلا عن ذلك، كما تقول المجلة، فإن رفسنجاني ليس وحده الباعث على الصداع، فثمة مرشح آخر مثير للجدل تقدم في اللحظات الأخيرة هو اسفانديار مشائي، مستشار نجاد والمقرب إليه.
ونوهت المجلة عن اختلافه أيضا مع خامنئي، فيما رصدت تصميم نجاد على أن يخلفه هذا الرجل في منصب الرئاسة رغم كره أنصار التيار المبدئي له وانتقادهم توجهاته الليبرالية فيما يتعلق بالحريات الشخصية وتقليله من خطر سلطة رجال الدين.
ولفتت المجلة إلى أنه لم يكن في الحسبان قبل فترة ليست بالطويلة أن يتحول سباق الرئاسة مثل هذا التحول الدراماتيكي بظهور رفسنجاني واسفنديار في مضمار السباق.
واختتمت "الإيكونوميست" تعليقها بالقول إنه أيا كان قرار مجلس الأوصياء فيما يتعلق بترشح الرجلين فإنه حتى النموذج الديمقراطي الإيراني، الذي وصفته بأنه مقيد على نحو شديد، قد يسفر عن مفاجئات على غرار ما حدث في انتخابات عام 2005 عندما اكتسح نجاد منافسه رفسنجاني.