قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم الاثنين: إن المصريين يواجهون المجهول بعد احتشادهم بجميع أرجاء البلاد للتنديد بحكم جماعة الإخوان المسلمين في المظاهرات التي تجاوز عددها تلك التي انطلقت قبل عامين ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ولفتت الصحيفة - في تقرير أوردته عبر موقعها الإلكتروني - إلى أن ملايين المصريين الذين تدفقوا إلى الميادين بجميع أرجاء البلاد حشدوا لثورة ثانية يتردد صدى نجاحها بكل أرجاء الوطن العربي، مثلما فعلت الأولى، إلا أنها توجه ضربة قاسية إلى الإسلام السياسي هذه المرة.
ونوهت إلى أنه رغمًا عن أن ثمن الشغف الثوري هو باهظ للغاية، لكن ما يلوح في الأفق، على المدى القريب، هو قفزة هائلة أخرى نحو المجهول ، مشيرة إلى إعلان القوات المسلحة، التي عادت إلى ثكناتها في العام الماضي بعد تسليم السلطة للرئيس محمد مرسي، نفسها حكما في الصراع السياسي الذي احتدم في البلاد بقولها إنها تستجيب لتطلعات الشعب المصري.
وأشارت الصحيفة إلى تباين آراء المصريين حول عودة الجيش مرة أخرى إلى سدة الحكم خلال نقطة التحول الفاصلة في تاريخ مصر الحديث.
في سياق متصل، نقلت الصحيفة قول بعض المصادر الدبلوماسية حول تردد الجيش بالعودة مرة أخرى للسياسة نظرًا لفشل القادة العسكرين بإدارة المرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بمبارك، لذا فهم يفكرون هذه المرة في وضع خارطة طريق لتحول ديمقراطي يتولي فيه المدنيون مقاليد الحكم.
وأردفت بأنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان إعطاء الجيش مهلة 48 ساعة من أجل حل خلافاتهما قبل أن يفرض خريطة طريق يعني سعي القوات المسلحة لإقصاء الرئيس المصري من الحكم، مضيفة أن الجيش المصري نما إليه قلق متزايد من عدم كفاءة الحكومة وتزايد الانقسامات السياسية، بالإضافة إلى مغازلة الرئيس المصري للجهاديين السابقين.
وأوضحت الصحيفة أن مرسي نجح في تنفير العديد من شرائح المجتمع، كما ساهم في توحيد قوى الثورة المضادة من مؤيدي النظام السابق مع ثورة جديدة لليبراليين المنتمين لليسار، حيث تجتمع آراء كل تلك الشرائح حول استراتيجية مشتركة وحيدة وهي تشجيع الجيش على التدخل وإعادة الانتقال مرة أخرى إلى الديمقراطية من البداية.
ولفتت إلى أنه إذا اعتزم الجيش الإطاحة بالرئيس المصري، فإن الإطاحة برئيس منتخب، حتى ولو أعقبت دعم شعبي هائل، ستمثل نكسة كبرى لفرص مصر في بناء نظام ديمقراطي ومخاطرة نحو تطرف الإسلاميين، مشيرة إلى إصرار مسئولي الإخوان على أن مرسي هو الرئيس الشرعي للبلاد، وإنه في حالة الإطاحة به من الحكم، فلن يمنعهم شيء من أن يقوموا بالمثل مع الرئيس القادم عند اثباته فشله في إدارة أمور البلاد.
واختتمت الصحيفة بأن مصر وصلت لنقطة في هذه الصراع يجب أن يتوفر به وسيط، ولكن إذا كان هذا الوسيط يعني العودة إلى الحكم العسكري، فإن أولئك الذين يحتفلون اليوم بتدخله سوف يشعرون بخيبة أمل مريرة.