"صُنع في مصر".. كلمات صغيرة تزين أغلفة الملابس والأدوات المنزلية والعصائر والحلويات، وتمتد لتشمل كافة المنتجات والسلع ،غير أن هذه الحروف بدأت تختفي من أسواق قطاع غزة.
وتغيب يوما بعد يوم عن واجهة المحال التجارية بعد إغلاق مئات الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية عقب تكثيف الحملة الأمنيّة التي يشنهّا الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء.
وأدى تراجع ونقص تهريب البضائع القادمة من الجانب المصري عبر الأنفاق الممتدة تحت الأرض، إلى غياب المنتج المصري عن أسواق القطاع والذي يعد ، بتأكيد تجار الأنفاق ، الأول من حيث الانتشار والاستخدام.
وبعد أحداث الثلاثين من يونيو في مصر وما أعقبّها من تطورات عقب عزل الرئيس محمد مرسي، زاد الجيش المصري من تعزيزاته العسكرية على الحدود مع قطاع غزة وبدأ حملة لهدم الأنفاق المنتشرة أسفل الحدود.
ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن نحو 80% من الأنفاق التي تستخدم في تهريب السلع والبضائع من مصر إلى قطاع غزة " لم تعد تعمل" .
وكشفت دراسة لوزارة الاقتصاد في الحكومة المقالة بغزة مؤخراً عن أن إغلاق الأنفاق شل حركة البضائع والواردات التي تشكل أكثر من 60% من احتياجات القطاع المحاصر إسرائيليا منذ 7 سنوات.
ويكشف مالك أحد أنفاق تهريب الملابس والذي رفض الكشف عن هويته، لـ"الأناضول" عن أن الحملات الأمنية المصرية المكثفة أثرت على دخول البضائع والسلع، مشيراً إلى أن المنتجات المصرية في مقدمة الغائبين.
وقال مالك النفق إن المنتجات المصرية ساهمت في تخفيف حدة الحصار المفروض على القطاع، وغيابها في هذه الأيام سيؤدي لكارثة إنسانية واقتصادية.
وأكدّ أن حركة الأنفاق تعتمد وبشكل أساسي على المنتجات المصرية والتي تلقى رواجا من قبل التجار والمواطنين ومنذ سبع سنوات تفرض إسرائيل حصارا خانقا على قطاع غزة، أغلقت على إثره المعابر الحدودية.
وعاني قرابة مليوني مواطن من لسعات الحصار الذي منعهم من الحصول على أدنى احتياجاتهم اليومية، وهو الأمر الذي دفع بالسكان المحاصرين إلى اللجوء لباطن الأرض وحفر مئات الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.
وتراجعت حركة دخول البضائع المصرية إلى أسواق القطاع كما يؤكد التاجر عبد الكريم حمادة والذي قال إن الركود بدأ يغزو أسواق غزة بسبب تأثير إغلاق الأنفاق.
ولفت حمادة إلى أن كثيرا من المنتجات المصرية بدأت تغيب وفي مقدمتها الملابس والأدوات المنزلية والأجبان والعصائر وعشرات الأصناف التي تحظى بثقة سكان القطاع.
ومنذ 6 سنوات وأم "أنس حميد" "42 عاما" ربة المنزل والأم لسبعة أطفال لا تثق بأية ملابس قطنية سوى المصرية وتقول في حديثها لـ"الأناضول" إن تلك الملابس تتميز بالجودة مقارنة بمنتوجات الملابس الأخرى كالصينية وغيرها من القادمة عبر الأنفاق.
غير أن غياب هذه الملابس أقلق أم أنس من قادم الأيام فهي كما تؤكد لن تجرؤ على شراء واقتناء المنتجات الأجنبية القادمة عبر كرم أبو سالم نظراً لارتفاع أثمان الأصناف الأجنبيّة كالمنتج الإسرائيلي والتركي.
وأبقت إسرائيل على معبر كرم أبو سالم (بين مصر وغزة وإسرائيل) معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع بشكل جزئي ومحدود إلى القطاع بعد أن أغلقت معابر غزة الحدودية في عام 2007.
ولا يغطي هذا المعبر سوى 30% من احتياجات القطاع فيما تضع إسرائيل عشرات السلع على قائمة الممنوعات.