وزير المالية
اكد الدكتور احمد جلال وزير المالية أن الحكومة ستضخ خلال الاسابيع القليلة المقبلة ما يتراوح بين 2.5 و4 مليارات جنيه حسب ما تحدده لجان حصر المتأخرات المستحقة لشركات المقاولات لدي الجهات الحكومية.
وقال ان هذا المبالغ ستسهم في تنشيط قطاع المقاولات الذي يجر وراءه العديد من الصناعات والحرف الاخري بما يسهم في تحريك الاقتصاد الوطني.
واكد الوزير ان الحكومة الحالية علي اتخاذ سياسات توسعية تركز علي زيادة الاستثمار لتنشيط الاقتصاد الذي شهد تباطيء واضح في الفترات السابقة حيث سجل عجز الموازنة العامة للعام المالي الماضي نحو 14% من الناتج المحلي الاجمالي بجانب ارتفاع الدين العام لنحو 92% من الناتج المحلي وارتفاع عجز ميزان المدفوعات لنحو ملياري دولار وارتفاع معدلات البطالة الي 13% اي ان نحو 3.6 مليون شخص بلا عمل مع ارتفاع معل الفقر من اقل من 20% الي نحو 25%.
وقال الوزير ان هذه المؤشرات رغم انها تدعوا للقلق الا ان التطورات التي تشهدها مصر بعد ثورة 30 يونيو تدعوا للتفاؤل بقدرة الاقتصاد القومي علي تجاوز تلك المؤشرات السلبية، مشيدا بحزمة المساعدات والمنح التي قدمتها دول الخليج خاصة السعودية والامارات والكويت لمصر بقيمة 12 مليار دولار، منها 6 مليارات دولار ودائع لدي البنك المركزي لن ندفع عليها فائدة ، و3 مليارات منح لا ترد ومثلهم في صورة منتجات بترولية، وهو ما سيساعد الحكومة علي ضمان توافر المنتجات البترولية التي يحتاجها المجتمع دون ازمات او مشكلات او ضغط علي احتياطي العملات الاجنبية.
واشار في تصريحات صحفية الي ان الحكومة قررت استخدام الودائع البالغة قيمتها 6 مليارات دولار لتدعيم احتياطي العملات الاجنبية لدي البنك المركزي و استخدام قيمة المنح في زيادة الانفاق العام علي الاستثمارات العامة مع منح الاولوية للمشروعات التي قاربت علي الانتهاء ولكنها تحتاج لتمويل، خاصة في قطاع البنية الاساسية من طرق ومياه وكهرباء وهو ما سيحفز القطاع الخاص بدوره علي ضخ المزيد من الاستثمارات.
واكد الوزير ان نتائج السياسات التي تتخذها الحكومة ستظهر قريبا ، كاشفا عن وضع برنامج للدعم النقدي للاسر الاكثر احتياجا ، حيث يجري حاليا وضع معايير الاستفادة من البرنامج ، لافتا الي ان الدعم النقدي سيكون مشروط بتعليم ابناء تلك الاسر مع تقديم خدمات الرعاية الصحية للاسرة.
كما اعلن الوزير دراسة الحكومة وضع حزمة من الحوافز والمزايا لتشجيع العاملين بالاقتصاد غير الرسمي علي الانضمام طواعية لمظلة الاقتصاد الرسمي، من خلال منح اعفاء ضريبي لمدة لا تقل عن 5 سنوات، بجانب مساعدتها علي استخراج التراخيص الصناعية والتجارية بصورة مبسطة ، مشيرا الي ان هدف المنظومة مساعدة المشروعات الصغيرة علي النمو والحصول علي احتياجاتها التمويلية حتي تتوسع وينمو حجمها.
واشار الوزير الي ان اهمية تلك الحوافز ان القطاع غير الرسمي يوظف اكثر من 40% من القوي العاملة في مصر وهم يعملون بدون عقود او ساعات عمل وعند الاصابة لا يحصلون علي تعويض او رعاية صحية ايضا عندما يتقاعدون لا يحصلون علي معاشات وظروف العمل شديدة السوء، ايضا اصحاب هذه المؤسسات الصغيرة لا يستطيعون الاقتراض او المشاركة في المناقصات الحكومية، وبالتالي فان دخولهم مظلة الدولة سيغير كثيرا من هذه الظروف السيئة.
وبالنسبة للحد الأدنى للأجور افاد الوزير عن عقد المجلس الأعلى للأجور عدة اجتماعات مؤخرا لدراسة تحديد الحد الأدنى للأجور بصورة تضمن التوازن بين هدفين الاول مستوي من المعيشة الكريمة والثاني عدم المبالغة في قيمة الحد الأدنى بما يحد من معدلات توفير فرص العمل الجديدة وهو ما يضر بمن لا يجد عملا في الاساس.
واشار الوزير الي ان الحكومة تدرس وضع حد اقصي موحد للأجور يطبق علي جميع قطاعات الحكومة حيث ان القانون الحالي للحد الأقصى يحدده بمعدل 35 مرة ادني دخل في كل جهة علي حدة وهذا يوجد تفاوت بين الحد الأقصى المطبق في الجهات العامة المختلفة.
وقال الوزير ان هناك قضيتين مطروحتين علي الساحة الان الاولي زيادة المعدل العام لضريبة المبيعات من10% الي 12.5% وفرض ضريبة تصاعدية ثم الضريبة العقارية وهي لها سمات خاصة وبالمناسبة القانون الحالي للضريبة العقارية يخصص 50% فقط للخزانة العامة أما نسبة الـ 50% الاخري فيخصص منها 25% لتطوير العشوائيات و25% الأخرى إلي المحليات وهو امر مهم لتحقيق العدالة الاجتماعية حيث سنأخذ من الغني للأنفاق علي احياء الفقراء.
وبالنسبة لضريبة المبيعات اكد الوزير ان الحكومة لن تزيد فئات الضريبة حيث انها اكثر تاثيرا علي الفقراء ، ولكن نريد الاستعاضة عنها بضريبة القيمة المضافة، فهي اكثر عدالة حتي لا يتحمل المستهلك النهائي قيمة الضريبة أكثر من مرة.
وحول مطالبة البعض بفرض ضرائب تصاعدية قال الوزير ان مصر كان لديها في فترات سابقة منظومة تصاعدية لضرائب الارباح الصناعية والتجارية وهي كانت مريحة نفسيا وشكلها علي الورق جميل لكن حجم التهرب كان عاليا جدا، مؤكدا انه مع الضريبة التصاعدية بشرط ان نراعي الوضع الاقتصادي عند فرضها والا تشجع علي التهرب وان يكون لها عائد حقيقي.
وبالنسبة لمشروع الكروت الالكترونية لتوزيع المواد البترولية اشار الوزير الي انه سيوفر ما يتراوح بين 30 و35 مليار جنيه سنويا من فاتورة دعم الطاقة من خلال محاربته لعمليات تسرب الدعم او تهريب المنتجات البترولية حيث يعمل المشروع علي ضمان وصول كل الكميات المطروحة من مستودعات البترول الي محطات الوقود ثم الي المستهلكين بمصر، لافتا الي ان المشروع لا يتضمن حدا اقصي او حصص او كميات للاستهلاك او تحريك لاسعار المنتجات البترولية في الوقت الراهن.
وقال ان الحكومة حددت عدة مراحل للتعامل مع دعم الطاقة الاولي مشروع الكروت الالكترونية والذي بدأ تنفيذه بالفعل ، والمرحلة الثانية هي التعامل مع كبار مستخدمي الطاقة مثل المصانع خاصة كثيفة استخدام الطاقة حيث نستهدف تقريب الفارق بين السعر الحالي للطاقة الذي يتعاملون به والسعر العالمي وبصورة تدريجية.
وبالنسبة للعدالة الاجتماعية قال الوزير ان النقاش العام اختزل فكرة العدالة الاجتماعية في الحد الادني والاقصي للاجور ،وهو امر غير سليم لان العدالة الاجتماعية تتحقق من خلال 3 مداخل الاول التاكد من ان السياسات الاقتصادية تفيد الشرائح الاولي بالرعاية ،مثلا توفير فرص عمل جديدة امر مهم يحقق العدالة الاجتماعية ،خاصة في ظل تصاعد معدلات البطالة بين المتعلمين، ايضا توزيع الاستثمارات الجديدة علي مناطق مصر بصورة اكثر عدالة، فيجب ان ننظر لخريطة الفقر والبطالة عند وضع السياسات الاستثمارية والاقتصادية.
واضاف ان المدخل الثاني هو الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وصرف صحي وتوصيل المياه النقية او انشاء مصارف للفلاحين لتحسين اراضيهم وهو امر يزيد من قدرات المجتمع ، فكل الاصلاحات والمبادرات في هذه الجوانب لها مردود غير عادي علي العدالة الاجتماعية.
وبالنسبة للمدخل الثالثة اوضح انه الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة او الارملة المعيلة والمطلقة ، فهناك حاجة ماسة لإعادة النظر في منظومة الحماية الاجتماعية الحالية وما تقدمه من خدمات مثل معاش الضمان الاجتماعي و بنك ناصر والمعاشات وتامين البطالة ،بحيث عندما تتعرض هذه الفئات لمخاطر سواء كبر السن او تدهور صحتها نضمن لهم حياه بصورة كريمة.
وكشف الوزير عن مبادرة ينفذها الصندوق الاجتماعي حيث تستهدف احد البرامج التي يمولها الحاق القادرين علي العمل من الشرائح الفقيرة للعمل في المرافق العامة لمدة 100 يوم في العام ويدفع لهم مبلغ معين، وهذا البرنامج ممول من البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار.
واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد علي ان الحكومة حاليا ليس لديها الرغبة او الحاجة لطلب مساعدة من صندوق النقد الدولي ، حيث انها مهتمة اكثر بتنفيذ الاصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني فهي حكومة تأسيسية انتقالية تمهد الطريق للحكومات المقبلة، كما ان مصر لن يساعدها علي المدي المتوسط والطويل سوي القيام بالإصلاحات الضرورية لتهيئة المناخ لممارسة الاعمال بصورة تتماشي مع المعايير العالمية ، وايضا استعادة الاستقرار السياسي والامن.
وبالنسبة لتلويح بعض الدول بملف المعونات ، قال الوزير ان مصر منفتحة علي دول العالم وترغب في التعاون مع الجميع ، ولكنها ترفض وضع شروط من اي جهة لمساعدتنا، مؤكدا انه ليس قلقا من تمنع بعض الاطراف عن مساعدة مصر.