وزير التجارة والصناعة منير فخري عبدالنور
ارتسمت علامة الدهشة الممزوجة بالاستغراب علي وجه وزير التجارة والصناعة منير فخري عبدالنور, عندما اشتكي احد مستثمري مدينة السادس من اكتوبر للوزير, بمطالبة شركة المياة له بسداد ثمن المياه التي استخدمها في بناء المصنع منذ اكثر من15 عاما مضت, وانذرته الشركة بأنها ستقوم بتقدير حجم الخرسانات والاساسات الخاصة بالمصنع لتقدير ما استخدمه من مياه عند البناء ليحاسب عليها, وعندما قال لهم انه استخدم خرسانات جاهزة لم تستمع الشركة لكلامه وقررت محاسبته سواء كان قد تم ذلك ام لا!!.
هذه كانت مشكلة ضمن سيل كبير من المشكلات انهالت علي الوزير وصرخ بها العشرات من المستثمرين أمس في لقائهم مع وزير التجارة والصناعة بجمعية مستثمري السادس من اكتوبر, والتي تتجلي صورها في كما ذكرها رئيس الجمعية الدكتور مجدي عبدالمنعم في نقص حاد الأراضي الصناعية مكتملة المرافق, وتعثر مئات من المصانع وتوقفها عن الانتاج, والصعوبة البالغة في الحصول علي تراخيص التشغيل سواء للمصانع القائمة او الجديدة, الي جانب فقر وضعف الخدمات المقدمة للمصنعين والمستثمرين في المناطق الصناعية.
عندما تحدث الكثير من المصنعين وجد الوزير ان اغلبية الحلول ليست في يد وزارة الصناعة, وقال لهم بصراحته المعهودة ان الصناعة المصرية تحتاج الي ثورة تشريعية, وهو ماتعمل عليه الان وزارة الصناعة, وهيئة التنمية الصناعية. المناقشات والجدل الذي تم مع وزير التجارة والصناعة, يؤكد ان هناك جهات عديدة تتقاسم وتتنازع الرقص علي جسد الصناعة والمصنعين والمستثمرين المصريين, واصبح لكل هيئة او جهة ما نفوذ وسطوة علي إعاقة تدفق الاستثمارات.
فها هي احدي المستثمرات المصريات التي قررت اقامة مجمع صناعي كبير علي مساحة130 الف متر مربع وبمئات الملايين في مرحلته الاولي, تشكو لوزير الصناعة همومها بأنها لا تستطيع البدء في تشغيل مصنعها, بعد انتهاء انشاء المرحلة الاولي, وذهبت للحصول علي ترخيص التشغيل من الجهات المسئولة, وكانت صدمتها مروعة علي ابواب وزراة البيئةـ, التي اصرت علي عدم منحها ترخيص التشغيل, الا بتقديمها اقرارا, يقول انها لم تبدأ حتي الآن في انشاء المصنع!!
مستثمر آخر يعمل في مجال صناعات الادوية, يطالب بأولوية للشركات المصرية في المناقصات والمشتريات الحكومية, لافتا الي مناقصة لمشتريات حكومية, كانت وزارة الصحة قد اعلنت عنها مؤخرا بقيمة600 مليون جنيه, قال, للأسف الشديد ذهبت الـ600 مليون للشركات الاجنبية!!, وهنا كان رد الوزير صادما, حيث اعترف بانه ولا رئيس الوزراء يملكان اجبار الهيئات او الوزارات علي الشراء من المنتجين المصريين, لان كل القرارات التي صدرت بهذا الشأن بأولوية للشركات المصرية في المشتريات الحكومية, ذهبت لترتاح في ادراج المسئولين, لانها لم تتضمن نصا قانونيا يعاقب المسئول الحكومي علي عدم الالتزام بالقرارات الخاصة بالمشتريات الحكومية من الشركات المصرية, طالما توفر المنتج وبنفس الجودة والاسعار.
في سياق الخروج من الازمات المتلاحقة والتي تضر بسمعة مصر الاستثمارية والصناعة المصرية, والتي تتفجر كلما التقي مسئول مع اصحاب الشأن من المصنعين والمستثمرين, طالب الدكتور مجدي عبد المنعم رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر, بضرورة احداث ثورة تشريعية تنقذ الصناعة من عبث البيروقراطية, فالمطلوب والملح الان, هو إنشاء إدارات متخصصة للمناطق الصناعية القائمة, وحل مشكلاتها.
ولفت الي ان المنطقة الصناعية بالسادس من أكتوبر التي تعتبر أكبر منطقة صناعية بمصر, كان يمكن ان تكون بها عشرات الالاف من المصانع, لو توفر لها مناخ محفز بعيدا عن تنازع الاختصاصات بين الجهات والوزارت, بدلا من1820 مصنعا, منها850 منشأة كبيرة, والباقي منشآت صغيرة ومتوسطة, ورغم ذلك تواجه عدة معوقات أهمها تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة نتيجة الضغوط الاقتصادية القائمة.
وشدد اذا كانت مصر تبحث فعلا عن التنافسية الدولية, فلا مناص من ضرورة رفع كفاءت وقدرات المناطق والمدن الصناعية, والذهاب بها بعيدا عن البيروقراطية الحكومية, وتدني مستوي الخدمات المقدمة من كهرباء وغاز وصرف صحي وطرق ومعلومات.
فأضاف, أن عدم الوعي بأهمية الصناعة في الاقتصاد ودورها التراكمي, قد حرم مصر من استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات, نتيجة عدم توافق افكار من اداروا المنظومة الصناعية في الماضي مع الفكر العالمي الحديث, لافتا إلي أن هناك إهدارا لرأس المال, بسبب عدم وجود معلومات دقيقة عن المنتجات التي تحتاجها الاسواق المحلية للاستثمار.
وأن جمعية مستثمري السادس من اكتوبر تعمل الان علي إنشاء قاعدة معلومات للتيسير علي وزارة الصناعة لايجاد حلول المشكلات الخاصة بالمنطقة, وستقوم الجمعية بإنشاء مركز أبحاث لدراسة المشكلات وطرح الحلول والمقترحات لإنهاء المشكلات, وهو مايمكن ان يساعد علي ضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية في السوق المصرية وتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفع.
وأضاف أن وزارة التجارة والصناعة تعمل حاليا علي تنفيذ برنامج شامل لمساندة المصانع المتعثرة وإعادة تشغيلها, حيث توقف اغلبها عن العمل نتيجة للأحداث التي مرت بها مصر خلال العامين الماضيين, والتي أثرت سلبيا علي القطاع الصناعي ككل, وأن أكثر من87% من أسباب التعثر يرجع إلي مشكلات تمويلية.ولفت إلي أن إعادة تشغيل الطاقات التصنيعية المعطلة والمتعثرة, تأتي ضمن رأس أولويات الحكومة.