أكدت الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن البورصة المصرية شأنها شأن جميع المؤشرات الاقتصادية ومنافذ الاستثمار، فإنها تتأثر بشكل ملحوظ مع كل عدم استقرار جديد بالوضع السياسي، لذلك فلابد من التحرك برؤية واضحة ومحددة أكثر من ذلك على المستوى الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أن البورصة لن تكون جاذبة للاستثمار بدون استقرار، فهي تمثل مؤشرا لما يحدث في مصر.
وأضافت الجمعية، أن استقرار الأوضاع السياسية، وما يترتب عليه من تحسن في البناء الاقتصادي، هو ما سيدعم قدرة البورصة المصرية على التعافي، فالأحداث السياسية الحالية تؤثر في اتخاذ القرار للمستثمر في الشراء والبيع، وهو ما يستلزم تفعيل بعض أدوات تنشيط السيولة والاستمرار في تفعيل التعديلات في منظومة التداولات خلال الفترة القادمة.
وأشارت إلى أنه يمكن أن يؤدي الاستقرار السياسي إلى تمكن السلطات من مواجهة تحديات هيكلية ضاغطة، وتحقيق تقدم في السياسات الاقتصادية، لدعم الاقتصاد المصري والوضع المالي للبلاد.
ويعكس متوسط حجم التداول اليومي للبورصة المصرية، خلال العام، (بعد استبعاد الصفقات)، حالة الترقب لدي المتعاملين لتطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية، وإن شهدت البورصة على مدار الشهر إجمالا تحسنا نسبيا في السيولة السوقية.
وأوضحت الجمعية أن مشتريات المؤسسات السوقية تشير إلى أن المستثمر المؤسسي لا يزال يبدي اهتماماً بالاستثمار في البورصة المصرية، ويري فرصا استثمارية بها حاليا، وأن عامل توفر السيولة الاستثمارية لدي الأفراد والمؤسسات وكافة الأطراف الراغبة في الاستثمار أدي وسيؤدي إلى تراجع دور التطورات والمتغيرات السلبية المحيطة والمؤثر على جلسات التداول اليومية على المديين المتوسط والطويل.
وتري الجمعية أن جلسات التداول خلال العام سجلت عودة شريحة صائدي الصفقات إلى البورصات، والتي اتخذت من الانتقائية القطاعية أساسا لها في البيع والشراء، لينعكس ذلك على حجم التذبذب الحاصل على مستوي السهم والقطاع الذي ينتمي إليه تبعا لمفهوم اغتنام الفرص السعرية المتاحة.
وفي المحصلة فإن الأداء العام للبورصة يواجه العديد من التحديات للوصول إلى الاستقرار والنمو، ضمن مبررات مالية واقتصادية مباشرة، في حين لم تصل البورصة بعد من الانسجام مع المعطيات المالية والاقتصادية، نتيجة سيطرة الأفراد على النسبة الأعلى من التداولات اليومية، في ظل غياب الاستثمار المؤسسي المبني على قيم وأهداف مالية وتنموية صحيحة، عكس ما هو موجود لدي غالبية الأسواق العالمية، والتي يستحوذ الاستثمار المؤسساتي على التداولات، حيث يلاحظ أن الأداء اليومي ووتيرة النشاط ومسار الأسعار ينسجم تماما مع ما يتم الإعلان عنه من خطط حكومية وتطورات مباشر للقطاعات الاقتصادية الرئيسية، الأمر الذي يتطلب إعادة صياغة أهداف الاستثمار وآليات العمل فيه، حتى يتم توسيع قاعدة الاستثمار المؤسسي على حساب استثمارات الأفراد بشكل مباشر.
وتتوقع الجمعية أن تكون تقديرات نتائج الشركات المستقبلية محفزا لأداء أسواق الأسهم المحلية خلال الفترة القادمة، شرط استقرار الأوضاع السياسية، فالتأثير الفعلي للإصلاحات السياسية والاقتصادية سيكون على المدى المتوسط، مما سيؤدي لارتفاع الشهية الاستثمارية، ورفع درجة الثقة الاستثمارية لدي المستثمرين.
وتؤكد الجمعية أن إعادة تنشيط وتحفيز البورصة المصرية يحتاج إلى جهد كبير من كافة الأطراف السياسية والاقتصادية، بدءاً بالسعي لتحقيق الاستقرار والأمن، مروراً بالرسائل التطمينية للمستثمرين في الداخل والخارج، وصولاً إلى إعادة هيكلة النظم والقوانين التي بها بعض القصور وتحتاج إلى عملية تطوير في عدد من جوانبها.
كما أنه يجب وضع خطة لإعادة هيكلة السوق وزيادة العمق المؤسسي لجذب الاستثمارات متوسطة وطويلة الأمد، التي تستهدف الاستثمار لآجال أطول وظهرت في الأسواق في الفترة الأخيرة.
وشددت الجمعية على ضرورة تشديد الرقابة على التداولات نتيجة ارتفاع شهية الاستحواذات، بالإضافة إلى العمل على سرعة إصدار ضوابط تخارج كبار المساهمين من السوق المصرية، وصياغة ضوابط أكثر تشددا لتعاملات صناديق الأفشور في السوق المصرية، وإصدار اللائحة التنفيذية الجديدة لصناديق الاستثمار المصرية لتسهيل وتطوير نظم تأسيسها وعملها.
وأضافت أن الإصلاحات التي تم الموافقة عليها مؤخرا تعتبر من الخطوات الهامة في مسيرة تطوير السوق، بالإضافة إلى التطورات الإيجابية على صعيد تطوير أدوات الإفصاح بالنسبة للشركات المقيدة.
وأكدت أنه من الضروري أن يتم تحفيز الاستثمار المؤسسي متوسط وطويل الأجل في السوق المصرية، لضمان الحفاظ على الاستقرار السوقي، خاصة أن مستقبل البورصة المصرية، خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق استثمار في الأساس ورغبة هذه الأطراف في مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، فدعم الأطراف المحلية للسوق يعطي رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب والعرب بأن الأمور تمضي إلى الأفضل، وبالتالي لا داعي للخروج من هذه السوق الواعدة.
وتؤكد الجمعية أن المؤشرات منذ بداية العام الماضي وحتى نهايته تعكس أن نسبة الاستثمار متوسطة وطويلة الأجل عند مستويات إيجابية نتيجة مشتريات المؤسسات، حيث تتواجد شريحة من المستثمرين يستهدفون الاحتفاظ بأسهمهم وليس المضاربة اليومية، الأمر الذي يعتبر إيجابيا للبورصة التي تحتاج إلى مثل هذه النوعية من المستثمرين، بهدف تمكين مؤشراتها من التماسك، كما أن المتعاملين الأفراد يغيرون مراكزهم المالية ويتنقلون بين أنواع مختلفة من الأسهم، مع تطلعهم للأمام إذا حدث تحسن في الوضع السياسي والاقتصادي.
وتري الجمعية أن فرض ضريبة دمغة على التعاملات بالبورصة كانت أحد أسباب الحذر الاستثماري الذي شهدته المؤشرات السوقية خلال العام، حيث نؤكد على أن السياسات المالية إذا لم تتعامل بحرص مع قطاعات الاستثمار فإنها قد تسبب في انكماش اقتصادي لهذا فإن المبدأ الأساسي الذي نري ضرورة الالتزام به هو عدم خضوع التعاملات في البورصة للرسوم، أسوة لما هو متبع في جميع الأسواق الناشئة المنافسة لمصر في اجتذاب المستثمرين.
وأضاف أن فرض ضريبة دمغة على التعاملات سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع تكلفة التعاملات وزيادة الأعباء على المستثمرين، مع ضعف حصيلة هذه الضريبة، مما سيؤدي لإضعاف تنافسية السوق المصرية، لهذا فإننا نري ضرورة إعادة النظر في مثل هذه الضريبة المعوقة للاستثمارات، فالأمر يستلزم الآن ضرورة النظر للحفاظ على تنافسية الجاذبية الاستثمارية المتاحة لدي قطاعات الاستثمار في الدولة كالبورصة المصرية، مع العمل على تنميتها قدر الإمكان، ونؤكد أن المبدأ الأساسي الذي نري ضرورة الالتزام به هو عدم خضوع التعاملات في البورصة للرسوم الضريبية.
وأكدت الجمعية أنه لا يجب أن نفرط في ردود الأفعال في ظل قدرة السوق على التعافي خلال الفترة القادمة، والتي سترتبط في الأساس بالتطورات المتوقعة في الوضع السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى استمرارية اجتذاب سيولة جديدة وتعزيز المرونة الاستثمارية للسوق إذا ما حدثت أي ضغوط استثنائية على السوق، حيث نري أن الأسواق ينتظرها حركة نشاط خلال الفترة المقبلة إذا استقرت الأوضاع السياسية والاقتصادية، إلا أن قدرة السوق على النشاط استثماريا سيرتبط بالأنباء الداخلية بالنسبة للشركات المقيدة، مع استمرار القدرة على اجتذاب سيولة جديدة إذا تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وتؤكد الجمعية أن التوقيت يلعب دوراً رئيسياً في جذب الاستثمارات، لذلك فإن التطورات تظهر أن هناك مزيداً من الشفافية التي تدخل حيز التنفيذ، وهو ما يضع ضغوطا على السياسيين لأن تتحرك لدعم الاقتصاد.
صورة : محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل