صندوق النقد الدولي: استقرار فى آفاق النمو العالمى وانخفاض فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
توقع صندوق النقد الدولى فى أحدث نشراته الصادرة فى ابريل حول آفاق النمو الاقتصادى العالمي، أن يحافظ النمو العالمى على مستوى 4.4% لعام 2011 ونسبة 4.5% لعام 2012، فيما خفّض توقعاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عامى 2011 و 2012 بنسبة 0.5% ، ليصبح 4.1% و 4.2% على التوالي.
وقد جاء هذا التخفيض لتوقعات النمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب الأوضاع التى تسود هذه المنطقة، ومخاطر الديون السيادية المتصاعدة والارتفاع وتواصل الارتفاع فى أسعار السلع المستوردة.
وقال الصندوق أن آثار هذا الانكماش بدأت تظهر سلفاً فى بعض الدول مثل ما هو مشاهد فى الاقتصاد المصرى حيث تشير التقديرات أنه تراجع بنسبة 7% خلال الربع الأول من سنة 2011. هذا بينما يتوقع لدولة قطر أن تحقق أعلى نمو فى الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة على نطاق العالم بنسبة تصل 20%، حسب مراجعة كيو أن بى كابيتال لتقرير صندوق النقد الدولى لأداء الاقتصاد العالمي.
ويتوقع صندوق النقد الدولى للناتج المحلى الإجمالى الحقيقى أن يرتفع بحدود 2.5% فى الاقتصاديات المتقدمة، وبنسبة 6.5% فى الاقتصاديات الناشئة والنامية. ويجيء أحد أهم مؤشرات التعافى الاقتصادى العالمى والنمو المتوقع من مبيعات التجزئة القوية فى اقتصاديات الأسواق الناشئة والاقتصاديات المتقدمة. أما أهم المخاطر على مستقبل الاقتصاد العالمي، فيعود بصفة أساسية إلى التطورات الجيو-سياسية غير المنظورة.
ومن المرجح أن يكون هناك تفاوت فى الأداء الاقتصادى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى عام 2011 بين الدول المصدرة والمستوردة للنفط.
وشهدت الدول المستوردة للنفط أقوى آثار الأحداث الأخيرة حينما أدت الاضطرابات الاجتماعية إلى تباطؤ النمو. وعلى ذلك فإن صندوق النقد الدولى يتوقع أن يتراجع النمو فى الدول المستوردة للنفط إلى نسبة 1.9% فى عام 2011. وبافتراض أن هذه الاضطرابات ذات طابع مؤقت، فإن نمو الاقتصاد فى الدول المستوردة للنفط سوف يتعافى ليصل نسبة 4.5% فى عام 2012.
أما فى الدول المصدرة للنفط، فإن الأسعار العالية للنفط وزيادة الطلب الخارجى عليه سوف يؤديان إلى ارتفاع كبير فى الإنتاج والصادرات. ومن المرجح أن تقود عائدات النفط العالية إلى زيادة فى الإنفاق على مشاريع التنمية. وستقود دولة قطر هذه المجموعة من الدول مع تواصل توسعها فى إنتاج الغاز الطبيعى واستمرارها فى الاستثمارات الضخمة فى البنى التحتية.
وبالرغم من أن الوضع فى ليبيا قد أدى إلى انخفاض كبير فى إنتاج النفط فى هذا البلد، إلا أن هذا النقص قد تم التعويض عنه إلى حد كبير من قبل الدول المنتجة الأخرى داخل المنطقة. وعليه، فإن الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه العموم لن يتأثر سلباً بانخفاض الإنتاج الليبي.
ولن تقتصر الآثار الاقتصادية للاضطرابات التى تسود المنطقة على تلك الدول التى تشهد فعلياً أكبر قدر من هذه الاضطرابات، لأن تصاعد عدم الاستقرار على نطاق المنطقة سوف يقود إلى تدنى الاستثمارات. ومع ارتفاع مخاطر الديون السيادية عبر المنطقة، حسبما يقول صندوق النقد الدولي، فإن ذلك سوف يحرك تكاليف الاقتراض إلى أعلى، وهو ما سيعمل بمثابة كابح للنشاط الاقتصادي.
وقد ذكر صندوق النقد الدولى أن أسعار السلع التى بلغت أعلى من المتوقع هو أحد الأسباب التى حدت به لخفض توقعاته للنمو فى المنطقة. وحيث من المتوقع أن تواصل أسعار السلع غير النفطية فى اتجاهها التصاعدى خلال عام 2011، فإن ذلك سيؤثر سلباً على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تعد من البلدان المستوردة لهذه السلع غير النفطية. كما أن تصاعد تكاليف المواد الخام الصناعية سوف يكبح نمو الاستثمار. وإضافة لذلك، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سوف يقود إلى تآكل دخل الفرد، وهو ما سيؤدى بدوره إلى تحجيم الاستهلاك الخاص.