دومينيك ستراوس كان
انطلق الصراع بين الدول الأوروبية والاقتصادات الناشئة عقب استقالة دومينيك ستراوس كان، باستقالته من منصبه كمدير لصندوق النقد الدولي الخميس الماضي، بعد المزاعم التي انتشرت بأنه اعتدى على خادمة بفندق شهير بنيويورك.
وذكر الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي "IMF" تولي جون ليبيسكي منصب مدير الصندوق بصورة مؤقتة، لحين الاعلان عن المدير الجديد في وقت لاحق.
وأنكر "ستراوس" كل المزاعم المثارة ضده بأكبر حزم ممكن، إلا أنه أراد حماية صندوق النقد الدولي.
وطبقًا لما أفادت به وكالة "رويترز" فإن جنسية المدير المقبل للصندوق ستكون موضوعًا لجدل كبير، نظرًا لأن الدول الناشئة تريد أن يتم اختيار مدير الصندوق منها، حتى يستطيع خدمة مصالحها باعتبارها المحرك الأساسي للنمو العالمي، كما تريد الدول الأوروبية أن يكون المدير القادم أوروبيًا، لخدمة المصالح الأوروبية، لا سيما مع اتساع رقعة الدين الأوروبي، واحتياج دول الأطراف إلى حزم تحفيزية من الصندوق لخدمة أعباء الدين وخفض عجز الموازنة.
وقال منصف شيخ روحه، أستاذ التمويل الدولي والخبير الاقتصادي التونسي، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنحاز في اختيارها إلى مصالحها، كما أنها لا تساند بشكل مباشر خلفًا أوروبيًا لستروس كان، متوقعًا تأييدها لخليف صيني حال ارتأت مصلحتها في ذلك، لا سيما وأن الصين تدعم الدولار الأمريكي وقامت مؤخرًا بشراء أذون خزانة أمريكية.
إلا أن "منصف" أشار إلى أن الصين تعتبر نفسها دولة متطورة مع اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، وأصبحت لا تنظر إلى اقتصادها على أنه اقتصاد ناشيء، وتضع نصب أعينها على مصالحها.
وخلال حديثه مع وكالة "فرانس 24"، ذكر مهند الأعمى، المحلل المالي في نيويورك، أن الكفة الراجحة لمن سيخلف "ستروس" هى الكفة الأوروبية، لا سيما وأن دول أوروبا الأكثر انسجامًا، مقارنة بالدول الناشئة.
فعلى الرغم من أن 48% من الأصوات هي للدول الناشئة والنامية، إلا أنها تفتقر لهذا النوع من التوافق.
كان قد تم حبس "ستراوس"-البالغ من العمر 62 عامًا- على ذمة التحقيقفي نيويورك، عقب اعتقاله يوم السبت إثر اتهامه بمحاولة اغتصاب خادمة من فندق سوفيتيل الذي كان مقيمًا فيه أثناء تواجده في ضاحية منهاتن.
وعرضت هيئة الدفاع عن "ستراوس"-الذي سبق وشغل منصب وزير مالية فرنسا- كفالة قدرها مليون دولار (بما يعادل 617 ألف جنيهًا استرلينيًا) للافراج الموقت عنه يوم الاثنين الماضي، فضلًا عن اقتراحهم بأن يتعهد "ستراوس" بالاقامة في نيويورك لدى ابنته، إلا أن قاضية محكمة نيويورك رفضت الافراج عنه، فيما وصفه المحللون بالتعسف في استخدام الحق، بعد يومين من توقيفه في قضية يتهم فيها بالاعتداء الجنسي على عاملة فندق في ضاحية مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية، وحددت النيابة العامة20 مايو موعدًا للجلسة المقبلة، وتم الافراج عن "ستراوس" بكفالة يوم الجمعة ونقل الى فندق آمن قبالة وول ستريت حيث سيحتجز على مدار الساعة تحت حراسة مسلحة.
وتصل تكلفة الاقامة في فندق بلازا-الذي يُحتجز فيه ستروس كان- إلى 200 ألف دولار شهريًا، سيتحملها "ستروس"، علاوة على أنه يتم مراقبته طوال فترة احتجازه بكاميرا داخلية ورجل مسلح خارج الغرفة، فضلًا عن تكاليف المحاماه التي تقدر بنحو 1000 دولارًا في الساعة.
وذكرت صحيفة "وول ستريت" الأمريكية في وقت سابق، أن ما حدث سيغير مسار انتخابات الرئاسة الفرنسية فى 2012، حيث إن دومينيك ستراوس كان المرشح الأبرز للفوز بترشيح الحزب الاشتراكى الفرنسى، في ظل تراجع شعبية نيكولا ساركوزى، الرئيس الفرنسى الحالى، لتبلغ مستوىً قياسيًا متدنيًا لم تصل إليه أي شعبية من قبل بسبب السياسة التقشفية التي ينتهجها.
كما أن نائب ستراوس كان، جون ليبسكى، الأمريكى الجنسية، قد أعلن الخميس الماضى أنه سيترك الصندوق عند انتهاء فترة خدمته فى اغسطس المقبل، وبالتالى فإن المؤسسة العالمية تواجه فراغًا محتملًا فى القيادة فى وقت حرج.
جدير بالذكر أن ثمة عرفًا كان سائدًا بعد إنشاء صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بمقتضى اتفاقية بريتون وودز عام 1944 بعد الحرب العالمية الثانية، كان يقضى بأن يكون مدير الصندوق أوروبيًا، ومدير البنك الدولى أمريكى الجنسية.