غيرت وكالة"موديز"، اليوم الإثنين، نظرتها المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة، لكنها أبقت على تصنيفها للسندات الحكومية عند (Caa1)، ما يعني وجود مخاطرة عالية.
وأوضحت موديز إن العوامل الرئيسية لتغيير النظرة المستقبلية لمصر إلى مستقرة من سلبية تتمثل في الوضع السياسي والأمني المستقر، وإطلاق الحكومة مبادرات لضبط أوضاع المالية العامة، وظهور علامات على حدوث انتعاش النمو والتحسن في استقرار الاقتصاد الكلي، ووجود دعم قوي من الجهات المانحة الخارجية.
وذكرت موديز أن الإبقاء على تصنيف السندات الحكومية المصرية عند (Caa1)، سببه أن البلاد لا تزال تواجه قيودا تتمثل أساسا في ارتفاع عجز الموازنة، وارتفاع الديون الحكومية، والاحتياجات الكبيرة للاقتراض المالي واستمرار التحديات التي تعيق انتعاش النمو الاقتصادي في البيئة السياسية والاقتصادية بعد الثورة.
وأضاف موديز أن تغيير النظرة المستقبلية لمصر إلى مستقرة من سلبية يعكس توقعاتها للبيئة المالية والاقتصادية التي تشهد تحسنا، بناء على عدد من التطورات على مدى العام الماضي التي تقلل من المخاطر السلبية على التصنيف.
وأشارت إلى أن الأوضاع الأمنية والسياسية المحلية في مصر قد تحسنت في أعقاب الاستفتاء على الدستور يومي 14-15 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي شكل الخطوة الأولى في خارطة الطريق للإصلاح السياسي وأدت إلى مزيد من الاستقرار المؤسسي، وتبع ذلك الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو من العام الجاري، والانتخابات البرلمانية المرجح أن تجري في أوائل العام المقبل.
وذكر التقرير، باستثناء الهجوم على وفد سياحي من كوريا الجنوبية في فبراير الماضي، لم تشهد مصر وقوع أي هجمات "إرهابية" على السائحين، و تتمثل معظم أعمال العنف في شن هجمات على نطاق صغير على قوات الأمن المصرية، خارج المناطق السياحية التقليدية.
وبالتزامن مع استقرار الوضع الأمني، أطلقت الحكومة المصرية العديد من الإصلاحات المالية والاقتصادية خلال العام الماضي، في يوليو/ تموز، رفعت السلطات أسعار الوقود، وكشفت النقاب عن خطط للتخلص التدريجي من دعم الوقود والكهرباء على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقا للتقرير.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي للسيارات بنسب تتراوح بين 6.8 و175%، كما رفعت أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة الإسمنت والحديد والصلب بين 12.5 و75%. كما أعلنت الحكومة رفع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء، بنسبة تتراوح من 10 إلي 50%.
كما تتخذ الحكومة المصرية أيضا تدابير لتعزيز الإيرادات، بما في ذلك التحول من ضريبة السلع والخدمات الحالية إلى نظام الضريبة على القيمة المضافة.
وتستهدف هذه المبادرات الحكومية خفض عجز الموازنة، والمحدد في العام المالي الجاري عند 10% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 12.8٪ حسب تقديرات وزارة المالية في السنة المالية الماضية و8.5٪ بحلول عام 2019.
وتخطط وزارة المالية المصرية تحقيق الاستقرار في نسبة الدين الحكومي وتقليصه إلى ما بين 80 و 85% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2019.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأ النمو الاقتصادي بمصر في الارتفاع، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.7٪، على أساس سنوي خلال الربع الرابع من السنة المالية الماضية، ارتفاعا من 2.5% في الربع السابق عليه.
كما ارتفع مؤشر مديري المشتريات لمصر الذي يصدره بنك ( اتش.اس.بي.سي) البريطاني إلى أعلى مستوياته في 10 أشهر ليصل إلى 52.4 نقطة في سبتمبر/ أيلول الماضي كما أن عدد السائحين إلى مصر آخذ في الارتفاع.
وقال التقرير إن الدعم المالي الخارجي لمصر، ومعظمه من السعودية والإمارات والكويت، يواصل تقوية السيولة الأجنبية، ودعم موازنة مصر وخفض تكاليف الاقتراض الحكومي.
وشددت موديز على أن التزام السعودية والإمارات والكويت بمساعدة مصر "لا يزال قويا وسوف يستمر على الأرجح في المستقبل".
ووفقا لوزارة المالية المصرية، قدمت السعودية والكويت والإمارات العربية نحو 17 مليار دولار في شكل منح وقروض إلى الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري خلال السنة المالية الماضية، فيما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده حصلت على مساعدات من دول شقيقة قيمتها أكثر من 200 مليار جنيه (28 مليار دولار) في الشهور العشرة التي اعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة الأمريكية استأنفت مؤخرا التعاون العسكري وتقديم مساعدات أخرى إلى مصر.
وفي يوم الاثنين الماضي، قالت الرئاسة المصرية، إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن واشنطن ستسلم طائرات الأباتشي للقاهرة الشهر المقبل.
وتقدم واشنطن، لمصر، نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية (بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية) منذ توقيع القاهرة معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.
وقالت موديز إن الإبقاء على تصنيف السندات الحكومية المصرية عند (Caa1) يعكس الحالة الضعيفة جدا والتي تشكل تحديا لأوضاع المالية الحكومية، حيث لا يزال العجز في الموازنة كبيرا، أكثر من 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
كما يتميز الإنفاق الحكومي بارتفاع نسبة الانفاق الجاري، الأمر الذي يحد من قدرتها على ضخ الاستثمارات العامة. وتشير سياسة الحكومة المصرية لزيادة الإنفاق لتلبية الطلب على الرعاية الاجتماعية إلى وتيرة تدريجية لضبط أوضاع المالية العامة، بينما تتوخى الحكومة خفض عجز الموازنة، ولكنه يبقى مرتفعا في حدود 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019.
وقالت موديز إن الوضع السياسي غير المستقر أدى إلى ارتفاع نسبة الدين الحكومي ليتجاوز 90% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ارتفعت فوائد الدين إلى 34% من الإيرادات الحكومية خلال العام المالي الماضي.
وأضافت، رغم تراجع حالة عدم اليقين في السوق، لا تزال تكاليف الاقتراض الحكومي مرتفعة.
وأشارت إلى أن الضعف النسبي للنمو الاقتصادي يعيق تحقيق انضباط مالي على وجه السرعة. في حين تشير دلائل إلى وجود تحول في الأداء الاقتصادي، تتوقع موديز أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل طفيف فقط في السنة المالية الحالية إلى 3.5٪.