QNB
تسارعت وتيرة هروب رؤوس الأموال من الاقتصادات النامية، وعلى نحو لافت من روسيا.
وقال تحليل اقتصادي لمجموعة (QNB بنك قطر الوطني)، أمس السبت، إن المزيج السام من انخفاض أسعار النفط والعقوبات الدولية قد أدى إلى شعور المستثمرين بالقلق، ما قاد بدوره إلى انهيار العملة الروسية، الروبل، وأسواق الأسهم الروسية في منتصف ديسمبر.
وأشار إلى أنه رغم أن التدابير التي اتخذتها السلطات الروسية والاستقرار النسبي لأسعار النفط كانا كفيلين بتهدئة الأوضاع في الأسواق في الوقت الراهن، لكن يُرجح لأزمة الأسواق الناشئة أن تتفاقم أكثر.
وهناك عدد من البلدان المنتجة للسلع التي تواجه أيضًا أزمات محتملة، مثل البرازيل ونيجيريا وفنزويلا.. كما أن هناك أيضًا خطر انتقال العدوى عبر الحدود مع هروب المستثمرين من الأسواق المحفوفة بالمخاطر، كما حدث في حالة روسيا وأوكرانيا وفي دول أخرى في أوروبا الشرقية، مثل المجر.
وتراجعت أسعار النفط بنحو 48% منذ يونيو، ما أدى إلى تدهور مطرد في التوقعات الاقتصادية لعدد من الأسواق الناشئة المصدرة للنفط، مع شغل روسيا لمعظم عناوين الأخبار، وضَعُف الروبل الروسي حيث أثر تراجع أسعار النفط سلبًا على الحساب الجاري.
وشكلت الهيدروكربونات ما نسبته 69% من عائدات التصدير في عام 2013، في حين كان فائض الحساب الجاري منخفضًا (1.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013).
في غضون ذلك، أضعفت التوترات في أوكرانيا وتشديد العقوبات المستمر من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد البنوك والشركات والأفراد الروس قدرتهم على الحصول على التمويل الخارجي، وأدى التأثير المزدوج لانخفاض أسعار النفط والعقوبات إلى شعور المستثمرين بالقلق، الأمر الذي قاد إلى هروب رؤوس الأموال؛ ونتيجة لذلك، وقعت روسيا في أزمة عملة وهوت قيمة الروبل في يوم واحد بنسبة 37% في 16 ديسمبر.
وكان لتراجع قيمة الروبل تأثير سلبي على الاقتصاد الروسي وعلى الشركات الروسية، فمن المتوقع حدوث ركود في العام المقبل، وشهدت أسواق الأسهم عمليات كبيرة للبيع بأسعار منخفضة.
علاوة على ذلك، فإن عملية الوفاء بالديون الخارجية للبنوك والشركات الروسية (التي تبلغ نحو 700 مليار دولار أمريكي أو 33% من الناتج المحلي الإجمالي)، باتت أكثر صعوبة مع انخفاض قيمة الروبل، ما شكل عبئًا على الاقتصاد وأدى إلى مخاوف بشأن حدوث إعسار.
تهاوي العملة الروسية يقود إلى مشاكل إضافية في الاقتصادات الناشئة في العادة، يمكن لتدني العملة أن يُعزّز القدرة التنافسية للصادرات، غير أن الأمر يختلف تمامًا عندما تكون سلعة التصدير الرئيسية هي النفط، حيث إن أسعار النفط يتم تحديدها دوليًا.
وكان لجميع هذه العوامل تأثير كبير على الروبل وعلى أسواق الأسهم.. فمنذ يونيو، هبط مؤشر الأسهم الروسية، المقيّمة بالروبل الضعيف، بنسبة 41%.
وواجهت السلطات الروسية الموقف بعدد من التدابير التي انتعش على أثرها الروبل وأسواق الأسهم؛ فارتفع مؤشر الأسهم المعدل بالدولار الأمريكي بنسبة 20% منذ هبوطه لأدنى مستوى.
وتدخل البنك المركزي الروسي في أسواق الصرف الأجنبي على نحو كبير في أكتوبر في محاولة لإبقاء سعر الصرف ضمن الحدود المستهدفة، وأوقف البنك تدخله في مطلع شهر نوفمبر وسمح للعملة بأن ترتفع بحرية، غير أنه عاود التدخل مجددًا في ديسمبر مع انهيار العملة.
وقام البنك المركزي الروسي برفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 10، 5% في 12 ديسمبر، وأتبع ذلك بزيادة أكثر دراماتيكية بين ليلة وضحاها بواقع 650 نقطة أساس في 16 ديسمبر. ولم يكن ذلك كافيًا لوقف انهيار الروبل الذي هوى بنسبة 37% في نفس اليوم.
بعد ذلك الانهيار، أعلنت السلطات الروسية عن تدابير إضافية لإعادة الاستقرار؛ فأعلن البنك المركزي الروسي خطة بقيمة 18 مليار دولار أمريكي لإعادة رسملة النظام المصرفي، وفرضت الحكومة رسومًا جديدة على تصدير الحبوب لتخفيف الضغوط على الأسعار المحلية.