مكتبة الإسكندرية تُصدر طبعة جديدة من كتاب "لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟"
الخميس 05 february 2015 10:58:00 صباحاً
كتاب "لماذا تأخر المسلمون؟
أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب "لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟" للشاعر و المفكر العربي شكيب أرسلان، و ذلك في إطار مشروع "إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر و العشرين الميلاديين".
المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري و العلمي في مختلف مجالات المعرفة، و المساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري.
شكيب أرسلان هو شاعر و أديب عربي، ولد في ديسمبر 1869م في قصبة الشويفات في جبل لبنان، وينحدر من سلالة الملك "النعمان بن المنذر" أشهر ملوك مملكة الحيرة، و قد ظل شكيب فخوراً بنسبه العربي الذي أثر تأثيراً كبيراً في تكوينه و بناء شخصيته طوال حياته. اهتم والده بتعليمه القراءة و الكتابة، ودخل مدرسة الحكمة في بيروت، و هي مدرسة مارونية مشهورة بإجادة تعليم اللغة العربية و آدابها، و تتلمذ فيها على يد عبد الله البستاني أحد أعلام النهضة العربية الحديثة و صاحب معجم البستان. و بدأ شكيب ينظم الشعر وهو في الرابعة عشرة من عمره، و بعدها بسنتين كتب أول مقالة له لمجلة الصفاء البيروتية. حيث توقع له الإمام مستقبلاً حافلاً، وتوطدت علاقتهما منذ ذلك الحين. و زار شكيب أرسلان مصر لأول مرة في 1890م، فقضى في الإسكندرية قرابة شهر، ثم نزل القاهرة و التقى بالشيخ محمد عبده، حيث توقع له الإمام مستقبلاً حافلاً، وتوطدت علاقتهما منذ ذلك الحين، و انضم إلى حلقته التي تضم أبرز سياسيي مصر و مثقفيها و أدباءها، فتوثقت علاقته بعدد منهم، مثلما توثقت بصحف القاهرة كالأهرام و المؤيد والمقتطف، حيث بدأت مقالاته تجد طريقها للنشر على صفحاتها. و في أواخر عام 1890م غادر شكيب مصر إلى الأستانة، وهناك التقى بالثائر الشيخ جمال الدين الأفغاني، و سمع منه الكثير و تأثر به و بأفكاره. و في 1892 سافر إلى فرنسا، و التقى هناك بأحمد شوقي الشاعر المصري الكبير. كان لشكيب أرسلان نشاط ملحوظ في الاهتمام بشئون العرب و المسلمين في كل أنحاء العالم، فسافر إلى روسيا و ألمانيا وإسبانيا و البوسنة و يوغوسلافيا لتفقد أحوال المسلمين هناك. و مارس نشاط سياسي هام في بلاده حتى تم إعلان استقلال سوريا و لبنان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، و اشتد عليه المرض فمات ليلة الاثنين 9 ديسمبر 1946، و شيع جثمانه موكب رسمي ضم رئيس الجمهورية بشارة الخوري و عدد من الوزراء و كبار رجال الدولة السورية.
يحتوي كتاب شكيب أرسلان على مقدمة و قسمين رئيسيين، أما المقدمة ففيها تقرير منه بواقع التخلف والانحطاط مقارنةً بالماضي المزدهر للمسلمين. و يتناول في القسم الأول أسباب تأخر المسلمين، بينما يناقش أسئلة التقدم و إشكالاته و مسألة التقدم و الـأخر بشكل عام في القسم الثاني.
في المقدمة يبدأ أرسلان كتابه بالتصديق على الحقيقية الأولى التي تضمنها سؤال الشيخ عمران، المتمثلة في واقع التأخر و الانحطاط الذي أصاب الشعوب الإسلامية. هذا الواقع الذي كان ينظر إليه دوماً بعين المقارن بين واقعين: تاريخي يتمثل في الماضي الإسلامي المجيد الذي عاشه المسلمون قروناً طويلة، و واقع التقدم الذي تعيشه شعوب أوروبا و أمريكا و اليابان. و هذه المقارنة التاريخية هي التي ستدفع كل رجال النهضة والإصلاح لمناقشة و دراسة أسئلة التقدم و التخلف. و في القسم الأول من الكتاب، تناول شكيب أرسلان عدداً من الأسباب التي حالت دون تقدم المسلمين و قضت بتأخرهم و تخلفهم، و صنفها إلى: أسباب أخلاقية، مثل الكسل و الجبن و البخل و فساد الاخلاق، و أسباب فكرية، مثل الجهل و العلم الناقص والجمود. أما في القسم الثاني ناقش أرسلان عدد من الأسئلة منها على سبيل المثال: هل يمكن للعالم الإسلامي أن ينهض و يلحق بركاب الأمم المتقدمة؟، و ما هي الصلة بين الدين و التقدم؟ هل النهضة دينية أم قومية؟.
يُذكر أن الكتاب من تقديم الباحث الأكاديمي السوري الدكتور سامر عبد الرحمن رشواني، عضو الهيئة التدريسية بكلية الشريعة جامعة دمشق.