رغم محاولات الحكومة تفادي أخطاء الماضي في إهدار مليارات الجنيهات جراء الانتخابات البرلمانية، التي يتم إلغاؤها عقب الانتهاء منها وتشكيل البرلمان «مثلما حدث من قبل بسبب عدم الدستورية»، وذلك بعرضها القوانين المتعلقة بالانتخابات على المحكمة الدستورية العليا قبل إجرائها للتأكد من دستوريتها، إلا أن هناك خسائر مادية كبيرة تصل إلى 200 مليون جنيه، تكبدها المرشحون الذين تقدموا للترشح بالانتخابات البرلمانية المقبلة والبالغ عددهم 7416 مرشحا، وهى مقابل إجراءات الكشف الطبي والتقدم بالأوراق والدعاية الانتخابية التي جرت خلال اليومين الماضيين، والـتي أصبحت مفقودة تماما بعدما قررت المحكمة الدستورية العليا عدم دستورية قانون تقسيم الدوائر، وهو ما يترتب عليه تأجيل الانتخابات البرلمانية.
خسائر الدولة والمرشحين
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن خسائر الدولة لا تقارن بجوار خسائر المرشحين، لافتة إلى أن الدولة لم تخسر شيئا خلال الفترة السابقة وقيامها بإجراءات التقديم وتلقي أوراق الترشيح وإجراء الكشف الطبي على المرشحين، نظرا لأن أغلب هذه الإجراءات يتحملها المرشح، كما أن ما تتكلفه الدولة هي مكافآت ليست باهظة لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات مقابل قيامها بذلك الدور.
خسائر الكشف الطبي
وتقدر خسائر المرشحين الذين تقدموا بأوراقهم على مقاعد الفردي والقائمة، والبالغ عددهم أكثر من 9 آلاف مرشحًا، وتم قبول 7416 مرشحا من بينهم، بما يقرب من 50 مليون جنيه، في بند الكشف الطبي فقط، حيث أجرى بعض هؤلاء المرشحين الكشف الطبى حينما كانت تكلفته تصل لمبلغ 6 آلاف جنيه، كما أجراه عدد آخر مقابل 4200 جنيه، ثم أجرى أغلب المرشحين بالكشف مقابل 2850 جنيها عقب تخفيض قيمته بعدما صدر حكم قضائي بتعديل إجراءات الكشف على المرشحين.
خسائر التأمين
كما تقدر خسائر المرشحين الذين تقدموا بأوراقهم للجنة الانتخابات في بند التأمين، بما يقرب من 19 مليون جنيه، نظرا لأن كل مرشح فردي سدد 3 آلاف جنيه كرسوم تأمين، كما أن كل قائمة من ذوات الـ15 مقعدا وعددهم 7 قوائم سددت 6 آلاف جنيه، بالإضافة إلى أن كل قائمة من ذوات الـ45 مقعدا وعددهم 16 قائمة سددت 18 ألف جنيه.
الدعاية الانتخابية
أما عن بند الدعاية الانتخابية، فتقدر خسائر المرشحين فيه بأكثر من 150 مليون جنيه، تنقسم إلى قسمين، الأول جزء دعاية مخالفة قام بها المرشحون، والثانى دعاية قام بها المرشحون في التوقيت المخصص لها وفقا لجدول اللجنة العليا للانتخابات، حيث إنه رغم تأكيد اللجنة العليا ضرورة الالتزام بمواعيد الدعاية، إلا أن أغلب المرشحين، خاصة على مقاعد الفردى، قاموا بإجراءات دعاية مختلفة في مختلف دوائرهم الانتخابية.
ووفقا لتقرير منظمة «ماعت» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، رصدت المنظمة مجموعة من الظواهر خلال مرحلة الترشح، منها استمرار أنشطة الدعاية المبكرة لغالبية المرشحين، والتي تمثلت في عقد المؤتمرات الانتخابية وتوزيع المواد الدعائية انتشار الرشاوي الانتخابية المقنعة، والتي أخذ معظمها الطبيعة الجماعية، كعمل حملات للكشف المبكر عن سرطان الثدي، افتتاح مستوصفات، إقامة دورات لكرة القدم وتوزيع جوائز على الفرق المشاركة، رصف طرق، القيام بحملات نظافة وتجميل، التبرع لدور أيتام وجمعيات خيرية، بالإضافة إلى استمرار بعض المرشحين في تقديم منح عينية للناخبين كتوزيع البطاطين، الإعلان عن فرص توظيف، توزيع السلع الغذائية، فضلا عن مساعدات مادية أحيانا، وكذلك توزيع الأدوات المدرسية التي تحمل صورة المرشحين ودعايتهم الانتخابية.
20 ألف جنيه خسائر المرشح
من جانبه، قال رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، أن خسائر كل مرشح على حدة تصل إلى ما يقرب من 20 ألف جنيه على الأقل، وذلك مقابل مصاريف التقديم والدعاية الانتخابية خلال اليومين الماضيين منذ بدء مرحلة الدعاية القانونية، لافتا إلى أن ذلك لا يشمل مقابل الدعاية المخالفة التي تمت قبل تلك المدة نظرا لأن المرشح هو من يتحمل عواقبها.
وأضاف محسن أن خسارة الأحزاب أيضا كبيرة، خاصة الأحزاب الكبيرة التي تنافس في الانتخابات، والتي يصل عددها تقريبا لـ15 حزبا، بسبب تأجيل الانتخابات، موضحا أن كل حزب تقدر خسارته بـ750 ألف جنيه شهريا خلال الفترة الماضية التي تصل إلى 6 شهور، وذلك نظير تأجير المقرات التي لا تقل عن 15 أو 20 مقرا، بالإضافة إلى التعاقد مع شركات الدعاية وتنظيم المؤتمرات.