صورة أرشيفية
كان موديبو كيتا أول رئيس لجمهورية مالي عقب حصولها على الاستقلال عام 1960 ، وهناك موديبو كيتا أخر يتولى حاليا رئاسة الوزراء في هذا البلد الإفريقي ، ولكن موديبو كيتا الثالث لم ينخرط يوما في السياسة فهو رجل أعمال في المقام الأول من أقوى وأغنى رجال الأعمال في مالي.
وبحسب صحيفة " لوموند" الفرنسية واسعة الانتشار بدأ موديبو كيتا حياته تاجرا بسيطا للأرز في العاصمة باماكو قبل أن يهيمن على إنتاج واستيراد الحبوب الغذائية ، حيث يمتلك "مطاحن مالي الحديثة" وهي شركة تأسست عام 2007 في مدينة سيجو جنوبي البلاد بالإضافة إلى كونه أكبر موزع للحبوب الغذائية في مالي.
ويقول كيتا " لم أعمل بالسياسة قط ، إنها ليست مهنتي ، إنني مجرد بائع أرز يعمل من الصباح حتى المساء ويوفر فرص عمل في بلده ، ولكن إذا طلب مني بعض الساسة ذلك، يمكننا مناقشة الأمر".
وهنا ينفجر من الضحك في محاولة لتجنب الرد على ما يثار بشأن حجم مبيعات أعماله "الضخم للغاية" كما أن اسمه مدرج ضمن وثائق فضيحة "سويسليكس" المتعلقة بتسريبات نشرتها صحف عالمية مؤخرا بشأن التهرب الضريبي وغسيل الأموال لعملاء مصرف "اتش اس بي سي" في جنيف بسويسرا.
ويعلق قائلا " لدي حساب مصرفي في باريس ، وليس لدي أي حسابات في مصرف اتش اس بي سي" ، قبل أن يواصل حديثه "لا توجد أموال في حسابي بسويسرا".
ويعود الفضل الكبير في سطوع نجم كيتا (47 عاما) بسرعة البرق إلى شبكة العلاقات التي استطاع أن ينسجها مع الساسة في مالي ، وفي مقدمتهم الحكام والمقربون منهم ، فقد كان على صلة بالرؤساء السابقين موسى تراوري وأمادو توماني توري والحالي إبراهيم بوبكر كيتا ، إنه يستمد قوته من الاتجار في حبوب الأرز باعتباره الغذاء الرئيسي في مالي ، وهنا يسخر وزير سابق كان على صلة مع موديبو كيتا قائلا "من يتحكم في سعر الأرز، يتحكم في مالي".
وبدأ كيتا مشواره برفقة مستورد أخر للأرز والسكر يدعى باكوري سيلا الذي أطلعه على خبايا عالم المال والسياسة في مطلع التسعينيات حيث استفاد سيلا كثيرا من احتكاره للأرز في السوق ومن أجل الحفاظ على ذلك خصص جزء من ثروته لتمويل الحملات الانتخابية ، وتفيد عدة مصادر بأن باكوري سيلا كان الممول الرئيسي لحملة ألفا عمر كوناري الذي انتخب رئيسا للبلاد في يونيو 1992 ، ولكنه أخطأ الرهان حينما دعم ترشيح وزير الدولة آنذاك سومايلا سيسي في الانتخابات الرئاسية عام 2002.
من جانبه تقرب موديبو كيتا من لوبو تروري بهدف مساندة زوجها أمادو توماني تروري والذي فاز في تلك الانتخابات في يونيو 2002 ، ويرى مراقب "إنها أفضل ضرباته السياسية لأن موديبو كيتا نجح بعدها في كسر احتكار أبيه الروحي سيلا للسوق نظرا لكونه شديد الصلة بأعداء أمادو توماني تروري ، وأمكنه الحصول على الصفقات الحكومية وفرض نفسه على المشهد الاقتصادي في مالي".
إلا أن كيتا يتحدث عن رواية مختلفة "كنت أمتلك متجرا للأرز أكبر بكثير من متجر باكوري سيلا الذي كنت أشاركه العمل من قبل. لا أعرف لوبو تروري ، أما بشأن أمادو توماني تروري ، فقد حدث أن أعطيته معلومات بشأن حالة المحاصيل بصفتي مجرد بائع أرز" ، ورغم ذلك ، توضح عدة مصادر أن موديبو كيتا تمتع بالإعفاءات الضريبية على استيراد الأرز بفضل علاقته الوثيقة مع الرئيس أمادو توماني تروري.
وينطبق الأمر كذلك على القمح، إذ يقول أحد موظفي الدولة في باماكو "إنه على صلة بموظفين في الجمارك من أصحاب النفوذ، بوسعه أن يشتري مالي كلها بثروته". ويضيف الموظف نفسه قائلا "تم إنتاج مليوني طن من الأرز خلال موسم 2012 - 2013 إلا أن مليون طن فقط تكفي لتغطية احتياجات السوق في مالي. بل إنه استمر في استيراد الأرز من تايلاند.. أين كل هذا الأرز؟ فلم تصدر مالي حبة أرز واحدة منه". ويرد كيتا "أستورد الأرز من تايلاند وفيتنام والهند وإلا سنموت جوعا".
ويواصل موديبو كيتا نشاطه بقوة على جميع الأصعدة ، إنه يقيم في وسط العاصمة باماكو حيث استطاع التقرب من النائب عن منطقته السكنية ويدعي كريم كيتا وهو يشغل أيضا منصب رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان في مالي فضلا عن كونه نجل الرئيس الحالي إبراهيم بوبكر كيتا ، إنه يراهن بدهاء على الجيل القادم الذي سيحكم مالي كما أنه يدير جيدا ثروته وأعماله وعلاقاته السياسية القيمة سواء من باماكو أو جنيف أو باريس.