بدت خطة الحكومة المصرية نحو الإصلاح الاقتصادي - بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة - أكثر جرأة من خلال مواجهة المجتمع باجراءات جادة وسريعة نحو تخفيض الدعم إلى جانب التوسع في تحصيل الضرائب بهدف تقليص عجز الموازنة الذي تخطى حاجز 11% من إجمالي الناتج القومي، آنذاك.
وتضمن التوسع الضريبي الذي انتهجته الدولة، قانون فرض ضريبة بواقع 10% على الأرباح الرأسمالية بالبورصة، وترحيل الخسائر لثلاث سنوات، وكذلك فرض ضريبة بواقع 10% على التوزيعات النقدية والأسهم المجانية بنسبة 10% مع تخفيض هذه النسبة إلى 5 % إذا كانت نسبة المساهمة تزيد عن 25%.
وصرح هاني قدري دميان في يوليو الماضي – عبر مداخلة تليفزيونية – إن قانون الضرائب سيطبق على المكاسب داخل البورصة، وليست على الخسارة، لافتاً إلى أن هذا نوع من العدالة الاجتماعية بمصر.
ووجهت الغرف التجارية انتقادات حادة إلى هانى قدرى، وزير المالية، على خلفية تصريحاته حيث صرح أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، "إن هذا القرار سيؤدى حتمـًا لانهيار البورصة وهروب المستثمرين، بما يترك أثرًا مدمرًا على الاستثمار لسنوات".
وشهدت البورصة حالة من الارتباك إثر إقرار الضريبة التي دفعت السوق لهبوط حاد بعد الانتعاشة التي شهدتها ممثلة في ارتفاع مؤشر البورصة نحو 1000 نقطة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي وحتى إعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه لرئاسة الجمهورية.
فيما أكد وزيرا التجارة والصناعة واﻻستثمار آنذاك - على هامش منتدى الأعمال المصرى المتوسطى - أن ضريبة البورصة الجديدة لها تأثير مؤقت على السوق، سرعان ما سيختفى، واصفاً حالة الارتباك التي ضرب السوق برد فعل طبيعى لقرار بهذا الشكل، مؤكداً عدم تراجع الحكومة عن قرار فرض الضريبة.
وفي ذات السياق كشف المهندس محمد زكى السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية عن عدم ممانعة الاتحاد فى فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة، شريطة أن تكون من خلال منظومة وسياسة شاملة للإصلاح الضريبى، مطالباً الحكومة بآلية توافقية لتطبيقها بحيث لا تكون أمر واقع على المستثمرين لتلافي الأثارا السلبية للقرار.
فى الوق نفسه تجاهلت الحكومة نداءات المستثمرين وجمعيات سوق المال بإلغاء الضريبة أو تعديلها حتى إقرار اللائحة التنفيذية للضريبة، التي هاجمها رئيس البورصة المصرية، الدكتور محمد عمران - خلال مؤتمر المال والتمويل – قائلاً " أنا كرئيس بورصة مش فاهم أمور كتير في لائحة قانون الضرائب".
وتوالت مساعي جمعيات سوق المال للوصول إلى تسوية مرضية للمستثمرين والحكومة من خلال مذكرة رفعتها لرئاسة مجلس الوزراء تضمنت مقترحات إلغاء الضريبة أو تعديلها أو إرجاءها، ووعد المهندس إبراهيم محلب بالنظر في المذكرة واتخاذ قرار ينهي أزمة البورصة مع الضريبة.
وقرر مجلس الوزراء، اليوم الاثنين، إرجاء الضريبة لمدة عامية في خطوة إصلاحية لقرار "المالية" والتي رفعت من معنويات المستثمرين بما حقق ارتفاع قيمة التداول لمعدلاته الطبيعية بنحو 700 مليون جنيه إلى جانب أرباح رأسمالية حققتها البورصة في ختام تعاملات اليوم قدرت بنحو 20 مليار جنيه.
وأكد رئيس البورصة المصرية على خلفية قرار "الوزراء"، أن القرار يكشف اصطفاف الحكومة مع مصالح سوق المال، معرباً عن شكره وتقديره إلى رئيس مجلس الوزراء المهندس ابراهيم محلب لتدخله لوقف نزيف الخسائر، مضيفاً، أن المرحلة المقبلة ستشهد لأول مرة طروحات شركات القطاع العام في البورصة المصرية