نظم مركز الأنشطة الفرنكفونية بمكتبة الإسكندرية ندوة عن أحدث الكتب إصدارًا في فرنسا بعنوان "التطور الدستوري في مصر"، وهو أول كتاب يصدر في العالم الغربي عن الدستور المصري الذي تم إقراره في الاستفتاء الذي جرى يومي 14 و15 يناير 2014.
قامت الدكتورة مروة الصحن؛ مديرة المركز، في البداية بتوجيه الشكر لمؤلفي الكتاب على تلبيتهم الدعوة لحضور هذه الندوة، كما وجهت الشكر للمكتب الثقافي بباريس وطاقم المكتبة الذين شاركوا في الإعداد لهذه الندوة.
وتحدثت "الصحن" عن الدور الذي يلعبه مركز الأنشطة الفرنكفونية داخل المكتبة وهدفه في نشر الثقافة الفرنكوفونية وتسليط الضوء على اللغة الفرنسية وآدابها وإعطاؤها القيمة التي تستحقها، كما أعلنت عن بعض الأنشطة التي سوف ينظمها المركز في إطار الحلقة الشهرية التي تُقام لكي يعرض الباحثون رسالاتهم للماجستير والدكتوراه، الذي تقدمه لهذا الشهر دينا الكردي الحاصلة على الماجيستير في ترجمة سورة الأحزاب من قسم اللغة الفرنسية وآدابها – فرع الدراسات اللغوية والترجمة بكلية الآداب جامعة الإسكندرية. كذلك، ورشة عمل بعنوان "فن تنسيق المائدة" التي تقام بالتعاون مع فندق سوفيتل بالإسكندرية في الفترة من 2 مارس إلى 25 مارس وتستهدف طلاب المدارس. وكذلك الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة في 30 مارس واليوم العالمي للمياه في 31 مارس، وذلك في إطار الاحتفال بشهر الفرنكفونية.
وأعرب الدكتور يحيى حليم زكي، مستشار مدير المكتبة، عن سعادته بمناقشة التطور الدستوري بمصر، فهناك الكثير من الأشخاص المهتمين بمعرفة الدستور الجديد، خاصة بعد ترجمته إلى اللغة الفرنسية. وأضاف أن هذا الدستور قابل للتغيير تبعًا لتغير الظروف داخل البلاد، فبعد تقديم حكومة الدكتور حازم الببلاوي استقالتها، أصبح من المهم مناقشة الدستور بشكل أكثر تفصيلاً.
ثم قام الدكتور زكي بتقديم الأساتذة الذين قاموا بترجمة الدستور المصري والمشاركة في هذا الكتاب وهم: الدكتور جان إيف دو كارا؛ أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة باريس سوربون – أبو ظبي، والدكتور شارل سان برو؛ مدير مرصد دراسات الجغرافيا السياسية بباريس، والمتخصص في مجالي القانون والعلوم السياسية، والدكتور تييري رامبو؛ أستاذ القانون العام بجامعة باريس ديكارت ومدير الدراسات بمرصد دراسات الجغرافيا السياسية بباريس والمستشار بمجلس أوروبا.
قدم الدكتور شارل سان برو في البداية الشكر لمركز الأنشطة الفرنكفونية لتنظيمه هذه الندوة لمناقشة الكتاب حول الدستور المصري والذي تمت ترجمته بجامعة السوربون بباريس، كما يوجد هذا الكتاب بصيغة الPDFعلى موقع مرصد دراسات الجغرافيا السياسية بباريس.
تحدث سان برو عن نتيجة الاستفتاء والذي يُعد اعتمادًا رسميًّا للدستور من الشعب المصري، كما أنه فتح مجالاً لإنشاء نظام يقوم على القانون والديمقراطية، وأن هذا الدستور يسهل الوصول إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2014.
وأضاف أن هذا الدستور لعب دورًا مهمًّا في ترجمة طموح التوافق بين المجتمع والاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية، ووضع نظامًا خاصًّا لحقوق الشعب. كما وضع بنودًا للبحث العلمي ولاحترام الأصالة المصرية.
واستنكر سان برو رفض أوباما والإدارة الأمريكية لما يحدث في مصر؛ فهو يرى أن أمريكا لا تسعى لنشر السلام في المنطقة كما تدعي بل تسعى لتدميرها مثلما حدث في أفغانستان والعراق.
وركز سان برو على وضع الدين داخل الدستور الجديد، حيث نصت المادة 2 على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، وكذلك نص المادة 3 "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية"، وبالتالي فالدستور يقوم على الشريعة؛ لأن الإسلام يدعو إلى احترام الديانات الثلاثة وهو مهم لتأسيس شكل السلطة والشرعية للدولة.
وأنهى سان برو كلمته بأن دستور 2014 هو نص واقعي يحترم التوازنات الكبيرة، ومثال جيد للبحث عن التوافق والبحث عن الخصوصية لهذه الأمة العريقة، ولكن يجب أن يقوم الشعب المصري وقياداته بتطبيق واحترام هذا الدستور.
أما الدكتور جان إيف دو كارا فقد رأى أن ديباجة الدستور الجديد تذكره بأن مصر هبة النيل، وأنه دستور ثوري في مضمونه ينخرط في ثورة 30 يونية 2013، وهو نتيجة مجهودات المواطنين المصريين. ويؤكد الدستور على أن الدولة ستظل دائمًا مستقلة وحاكمة وغير قابلة للانقسام، كما يُذكر بانتماء مصر لأفريقيا والقارة الآسيوية.
ويشير دو كارا إلى أن هذا الدستور يؤسس لجمهورية دستورية حديثة دون فساد أو طغيان، ويؤكد على الرغبة في العدالة الاجتماعية، ويعطي الفرصة لاختيار حكم سياسي فعّال. وأكد دو كارا على أن لجنة الخمسين لم تكن لديها مهمة سهلة، فقد كانت هناك تنازلات للوصول لهذا التوافق، يمكن إجمالها في ثلاث نقاط أساسية: مبادئ الفصل بين السلطات كضمانة للديمقراطية، والحكم الشعبي كضمانة للسيادة، ومبادئ الاستقلالية للقوات المسلحة كضمانة للدولة.
وأضاف أنه فيما يخص مبدأ الفصل بين السلطات، نجد أن البرلمان يتمتع بسلطات تشريعية ووضع القوانين والسياسات العامة والموازنة، ويعتبر المراقب لأداء الحكومة. كما أن رئيس الوزراء هو المسئول عن التعاون مع رئيس الجمهورية والتنسيق مع وزرائه وتنفيذ القوانين وإعداد الموازنات. أما رئيس الجمهورية الذي يتقدم للترشح من خلال ممثلي الشعب أو من خلال الشعب نفسه، فهو الأمان للأمة واستقلال الأراضي واحترام مبادئ الدستور والفصل بين السلطات، وهو الذي يمثل الدولة في توقيع المعاهدات، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويتحدث عن الأمور المهمة مع البرلمان. أما الشعب فهو يشارك من خلال الانتخابات والأحزاب والمؤسسات والمجالس المحلية، ويتمكن من تنفيذ حكمه عن طريق ثلاث طرق: الاستفتاء التشريعي أو الدستوري: حيث يقوم بإقرار واعتماد هذا الدستور، ويتمكن الشعب من سحب ثقته أو تأكيدها لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان، ويؤثر الشعب على تكوين الحكومة من خلال الانتخابات.
وقد أكد دو كارا في نهاية كلمته أن هذا الدستور قد أعطى السلطة العسكرية بعض الاستقلالية فيما يخص القضايا، وبالتالي يعتبر مكملا للسلطة القضائية.
ثم تحدث الدكتور تييري رامبو عن الحريات الممنوحة في دستور 2014، وأنه يُعد حماية ضد الحكم المطلق ويؤسس دولة من خلال القانون ويعطي لأفراد الشعب كثيرًا من الرضا والتوافق، ولكن يجب مراعاة الحرص الشديد في تفسيره وتطبيقه.